إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ ثُمَّ ٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفۡعَلُونَ} (46)

{ وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ } أصله إن نُرِكَ وما مزيدةٌ لتأكيد معنى الشرطِ ومِنْ ثَمةَ أُكد الفعلُ بالنون أي بنُصرتك بأن نُظهرَ لك { بَعْضَ الذي نَعِدُهُمْ } أي وعدناهم من العذاب ونعجِّلَه في حياتك فتراه ، والعدولُ إلى صيغة الاستقبالِ لاستحضار الصورةِ أو للدلالة على التجدد والاستمرارِ أي نعِدُهم وعداً متجدداً حسبما تقتضيه الحكمةُ من إنذارٍ غِبَّ إنذار ، وفي تخصيص البعضِ بالذكر رمزٌ إلى العِدَة بإراءةِ بعضِ الموعودِ ، وقد أراه يومَ بدر { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } قبل ذلك { فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } أي كيفما دارت الحالُ أريناك بعضَ ما وعدناهم أو لا فإلينا مرجعُهم في الدنيا والآخرةِ فننجزُ ما وعدناهم البتةَ ، وقيل : المذكورُ جوابٌ للشرط الثاني كأنه قيل : فإلينا مرجعُهم فنريكَه في الآخرة وجوابُ الأول محذوفٌ لظهوره أي فذاك { ثُمَّ الله شَهِيدٌ على مَا يَفْعَلُونَ } من الأفعال السيئةِ التي حُكيت عنهم ، والمرادُ بالشهادة إما مقتضاها ونتيجتُها وهي معاقبتُه تعالى إياهم وإما إقامتُها وأداؤُها بإنطاق الجوارحِ ، وإظهارُ اسمِ الجلالةِ لإدخال الروعةِ وتربيةِ المهابةِ وتأكيدِ التهديد ، وقرىء ثَمّةَ أي هناك .