تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعۡضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمۡ أَوۡ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ ثُمَّ ٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفۡعَلُونَ} (46)

وقوله تعالى : ( وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ /230-ب/ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ) حرف إما حرف شك ، وكذلك حرف أو . ولكن يكون تأويله ، والله أعلم ، على حذف ما وإضمار حرف إن ؛ كأن يقول : إن أريناك [ فإنما نريك ][ في الأصل وم : إنما نرينك ] بعض ما نعدهم لا كل ما نعدهم ( أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ) ولا نريك شيئا ، أو أن يكون [ معنى قوله تعالى : إنا نريك بعض ][ في الأصل وم : قوله : إن نرينك بعد ] ما نعدهم أي لقد نريك بعض ما نعدهم ، وهو كقوله : ( إن كان وعد ربنا لمفعولا )[ الإسراء : 108 ] .

فعلى هذا التأويل يريه بعض ما يعدهم ، ولا يريه كل ما وعدهم . وعلى التأويل الأول إن أراه فإنما[ في الأصل وم : إنما ] يريه بعض ذلك ، أو لا[ في الأصل وم : ولا ] يريه شيئا .

فإن قيل : حرف إما شك وكذلك حرف أو ، كيف تستقيم إضافته إلى الله ، وهو عالم بما كان ، ويكون ، وإنما تستقيم إضافته إلى الله ، وهو عالم بما كان ، ويكون ، وإنما تستقيم إضافته إلى من يجهل العواقب ؟ قيل : جميع حروف الشك الذي أضيفت إلى الله هو على اليقين والوجوب نحو حرفي عسى ولعل ونحو ذلك . فعلى ذلك حرف إما وأو ، أي[ في الأصل وم : و ] هو لم يزل عالما بما كان ، ويكون في أوقاته .

وأما حرف الاستفهام والشك فيخرج على مخرج الإيجاب والإلزام على ما ذكرنا في حرف التشبيه ، أو يكون رسول الله وعد أن يريهم شيئا ، فقال عند ذلك : ( وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ) يقول[ أدرج قبلها في الأصل وم : شيئا ] ليس إليك ما وعدتهم ، إنما ذلك إلينا كقوله ( ليس لك من الأمر شيء )[ آل عمران : 128 ] .

وقوله تعالى : ( فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ ) هذا يحتمل ثم الله شهيد لك يوم القيامة على ما فعلوا من التكذيب بالآيات وردها ، وهو كقوله : ( قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن )الآية [ الأنعام : 19 ] ويحتمل أنه عالم بما يفعل ، لا يغيب عنه شيء ، وهو وعيد كقوله : ( والله بصير بما تعملون )[ الحجرات : 18 ] ، [ وقوله ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( وهو بكل شيء عليم )[ البقرة : 29 ] ونحوه ، والله أعلم .