ثم عقّبه بما يدل على كمال علمِه وقدرتِه وشمولِ قضائِه وقدَره المبنيَّين على الحِكَم والمصالحِ تنبيهاً على أن تخصيصَ كلِّ قومٍ ينبىء بجنس معين من الآيات إنما هو للحِكَم الداعية إلى ذلك إظهاراً لكمال قدرتِه على هدايتهم لكن لا يهدي إلا من تعلّق بهدايته مشيئتُه التابعةُ لِحكَم استأثر بعلمها فقال : { الله يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أنثى } أي تحمِله فما موصولةٌ أريد بها ما في بطنها من حين العُلوقِ إلى زمن الولادةِ لا بعد تكاملِ الخلقِ فقط ، والعلمُ متعدَ إلى واحد ، أو أيَّ شيءٍ تحملُ وعلى أي حال هو من الأحوال المتواردةِ عليه طوراً فطوراً فهي استفهاميةٌ معلقةٌ للعلم أو حملَها فهي مصدرية { وَمَا تَغِيضُ الأرحام وَمَا تَزْدَادُ } أي تنقُصه وتزداده في الجُثة كالخَديج والتام وفي المدة كالمولود في أقلِّ مدة الحملِ والمولود في أكثرها وفيما بينهما . قيل : إن الضحاك ولد في سنتين ، وهرِمَ ابن حيان في أربع ومن ذلك سُمِّي هرِماً{[457]} ، وفي العدد كالواحد فما فوقه . يروى أن شريكاً كان رابعَ أربعةٍ ، أو يعلم نقصَها وازديادها لما فيها فالفعلان متعدّيان كما في قوله تعالى : { وَغِيضَ الماء } [ هود : 44 ] وقوله تعالى : { وازدادوا تِسْعًا } [ الكهف ، الآية 25 ] وقوله : { وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ } [ يوسف ، الآية 65 ] أو لازمان قد أسندا إلى الأرحام مجازاً وهما لما فيها { وَكُلَّ شيء } من الأشياء { عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } بقدر لا يمكن تجاوزُه عنه كقوله : { إِنَّا كُلَّ شيء خلقناه بِقَدَرٍ } [ القمر ، الآية 49 ] فإن كل حادثٍ من الأعيان والأعراضِ له في كل مرتبةٍ من مراتب التكوينِ ومباديها وقتٌ معينٌ وحالٌ مخصوص لا يكاد يجاوزه ، والمرادُ بالعندية الحضورُ العلميُّ بل العلمُ الحضوريُّ فإن تحقيقَ الأشياءِ في أنفسها في أي مرتبةٍ كانت مراتبُ الوجود والاستعداد لذلك علمٌ له بالنسبة إلى الله عز وجل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.