{ وَهُوَ الذي سَخَّرَ البحر } شروعٌ في تعداد النعمِ المتعلقة بالبحر إثرَ تفصيل النعمِ المتعلقة بالبر حيواناً ونباتاً ، أي جعله بحيث تتمكنون من الانتفاع به للركوب والغَوْص والاصطياد { لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيّا } هو السمك ، والتعبيرُ عنه باللحم مع كونه حيواناً للتلويح بانحصار الانتفاعِ به في الأكل ، ووصفُه بالطراوة للإشعار بلطافته والتنبيهِ على وجوب المسارعةِ إلى أكله كيلا يتسارع إليه الفسادُ كما ينبئ عنه جعلُ البحر مبتدأَ أكلِه ، وللإيذان بكمال قدرتِه تعالى في خلقه عذباً طرياً في ماء زعاق{[484]} ، ومن إطلاق اللحمِ عليه ذهب مالكٌ والثوري أن مَنْ حلف لا يأكلُ اللحم حنِث بأكله ، والجوابُ أن مبنى الأيمان العُرفُ ، ولا ريب في أنه لا يُفهم من اللحم عند الإطلاق ، ولذلك لو أمر خادمه بشراء اللحمِ فجاء بالسمك لم يكن ممتثلاً بالأمر ، ألا يرى إلى أن الله تعالى سمّى الكافرَ دابة حيث قال : { إِنَّ شَرَّ الدواب عِندَ الله الذين كَفَرُواْ } ولا يحنَث بركوبه من حلَف لا يركب دابة { وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً } كاللؤلؤ والمَرْجان { تَلْبَسُونَهَا } عبر في مقام الامتنان عن لُبس نسائِهم بلبسهم لكونهن منهم أو لكون لُبسِهن لأجلهم { وَتَرَى الفلك } السفن { مَوَاخِرَ فِيهِ } جواريَ فيه مُقبلةً ومدبرة ومعترضة بريح واحدة تشقه بحَيزومها ، من المخْر وهو شقُّ الماء ، وقيل : هو صوتُ جَرْي الفلك { وَلِتَبْتَغُواْ } عطف على تستخرجوا وما عُطف هو عليه ، وما بينهما اعتراضٌ لتمهيد مبادي الابتغاءِ ودفعِ توهم كونِه باستخراج الحِلية ، أو على علة محذوفة أي لتنتفعوا بذلك ولتبتغوا ، ذكره ابن الأنباري أو متعلقة بفعل محذوفٍ أي وفعَل ذلك لتبتغوا { مِن فَضْلِهِ } من سَعة رزقِه بركوبها للتجارة { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي تعرِفون حقوقَ نعمِه الجليلةِ فتقومون بأدائها بالطاعة والتوحيد ، ولعل تخصيصَ هذه النعمةِ بالتعقيب بالشكر من حيث إن فيها قطعاً لمسافة طويلة مع أحمال ثقيلةٍ في مدة قليلة من غير مزاولةِ أسبابِ السفر ، بل من غير حركة أصلاً مع أنها في تضاعيف المهالكِ وعدمُ توسيط الفوزِ بالمطلوب بين الابتغاء والشكر للإيذان باستغنائه عن التصريح به وبحصولهما معاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.