قوله تعالى : { لِيَحْمِلُواْ } : في هذه اللام ثلاثةُ أوجه ، أحدها : أنها لامُ الأمرِ الجازمةُ على معنى الحَتْمِ عليهم ، والصِّغارِ الموجبِ لهم ، وعلى هذا فقد تَمَّ الكلامُ عند قولِه " الأوَّلين " ، ثم اسْتُؤْنِف أَمْرُهم بذلك . الثاني : أنها لامُ العاقبة ، أي : كان عاقبةُ قولِهم ذلك ، لأنهم لم يقولوا " أساطير " لِيَحْمِلوا ، فهو كقولِه تعالى { لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [ القصص : 8 ] ، وقوله :
لِدُوا للموتِ وابْنُوا للخرابِ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الثالث : أنَّها للتعليل ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه تعليلٌ مجازيٌّ . قال الزمخشري : " واللامُ للتعليلِ مِنْ غيرِ أن يكونَ غرضاً نحو قولِك : خرجْتُ من البلد مخافةَ الشرِّ " . والثاني : أنه تعليلٌ حقيقةً . قال ابن عطية : - بعد حكاية وجهِ لامِ العاقبة - " ويُحتمل أن تكونَ صريحَ لامِ كي ، على معنى : قَدَّر هذا لكذا " انتهى . لكنه لم يُعَلِّقُها ب " قالوا " إنما قَدَّرَ لها علةَ " كيلا " ، وهو قَدَّر هذا ، وعلى قول الزمخشري يتعلَّقُ ب " قالوا " ؛ لأنها ليست لحقيقةِ العلَّةِ . و " كاملةً " حالٌ .
قوله : { وَمِنْ أَوْزَارِ } فيه وجهان ، أحدهما : أنَّ " مِن " مزيدةٌ ، وهو قولُ الأخفش ، أي : وأوزار الذين على معنى : ومثل أوزارِ ، كقولِه : كان عليه وِزْرُها ووِزْرُ مَنْ عَمِل بها " . والثاني : أنها غيرُ مَزيدةٍ وهي للتبعيضِ ، أي : وبعض أوزارِ الذين . وقدَّر أبو البقاء مفعولاً حُذِف وهذه صفتُه ، أي : وأوزاراً مِنْ أوزارِ ، ولا بدَّ مِنْ حذف " مثل " أيضاً .
وقد منع الواحديُّ أن تكونَ " مِنْ " للتبعيض قال : " لأنه يَسْتلزِمُ تخفيفَ الأوزارِ عن الأتباع ، وهو غيرُ جائزٍ لقوله عليه السلام " من غير أن ينقصَ من أوزارهم شيءٌ " لكنها للجنس ، أي : ليحملوا من جنس أوزارِ الأتباع " . قال الشيخ : " والتي لبيانِ الجنسِ لا تتقدَّر هكذا ، إنما تتقدَّر : والأوزار التي هي أوزارُ الذين ، فهو من حيث المعنى كقول الأخفش ، وإن اختلفا في التقدير " .
قوله : { بِغَيْرِ عِلْمٍ } حالٌ ، وفي صاحبِها وجهان ، أحدُهما : أنه مفعولٌ " يُضِلُّونهم " ، أي : يُضِلُّون مَنْ لا يعلم أنهم ضُلاَّلٌ ، قاله الزمخشري . والثاني : أنه الفاعل ، ورُجِّح هذا بأنه هو المُحدَّث عنه . وقد تقدَّم الكلامُ في إعرابِ نحو " ساءَ ما يَزِرون " ، وأنها قد تجري مَجْرى بِئْس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.