الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لِيَحۡمِلُوٓاْ أَوۡزَارَهُمۡ كَامِلَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَمِنۡ أَوۡزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيۡرِ عِلۡمٍۗ أَلَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ} (25)

ثم قال [ تعالى{[38754]} ] : { ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم }{[38755]} الآية [ 25 ] .

هذه اللام في " ليحملوا " يجوز أن تكون{[38756]} لام الأمر ، ويكون معنى الكلام التهدد والوعيد{[38757]} ، ويجوز أن تكون لام كي{[38758]} فتتعلق{[38759]} بما قبلها .

ومعناها{[38760]} : أنهم يحملون ذنوب أنفسهم وذنوب من أضلوا وصدوا عن الإيمان بغير علم من غير أن ينقص من ذنوب من أضلوا شيء . ومثله قوله : { وليحملن أثقالهم [ وأثقالا مع أثقالهم{[38761]} ] }{[38762]} .

وقد قال النبي عليه السلام : " أيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع ، كان عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ، وأيما داع دعا إلى هدى فاتبع ، فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء{[38763]} " .

وقال زيد بن أسلم{[38764]} : بلغني ، أنه يمثل للكافر عمله في صورة أقبح ما خلق الله [ عز وجل{[38765]} ] وجها وأنتنه ريحا ، فيجلس إلى جنبه ، كلما أفزعه شيء زاده فزعا ، وكلما تخوف شيئا زاده خوفا . فيقول : بئس الصاحب أنت [ ومن أنت{[38766]} ] ؟ فيقول : وما تعرفني ؟ فيقول : لا . فيقول : أنا عملك كان قبيحا فكذلك تراني قبيحا ، وكان منتنا فلذلك تراني منتنا . فتطأطأ لي حتى أركبك ، فطال ما ركبتني في دار الدنيا ، فيركبه . وهو قوله : { ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة }{[38767]} .


[38754]:ساقط من ق.
[38755]:ساقط من ط.
[38756]:ط: يكون.
[38757]:انظر هذا الاحتمال: في المحرر 10/175 والجامع 10/64.
[38758]:انظر هذا الاحتمال: أيضا في المحرر 10/175 والجامع 10/64، وفي اللام احتمالات أخرى أن اللام لام التعليل لو لام العاقبة، انظر: الكشاف 2/406 والمحرر 10/175 والتفسير الكبير 20/18 والتبيان 2/793 والجامع 10/64.
[38759]:ق: فيتعلق.
[38760]:ط: ومعناه.
[38761]:ساقط من ط.
[38762]:العنكبوت: 12.
[38763]:أخرجه البخاري في الصحيح اعتصام 15 ومسلم في الصحيح، كتاب العلم رقم 16 وأبو داود في السنن رقم 4609، والترمذي في الجامع الصحيح رقم 2814 وابن ماجه في السنن رقم 205، وأحمد في المسند 2/397.
[38764]:هو زيد بن أسلم العدوي العمري مولاهم، أبو أسامة أبو عبد الله فقيه مفسر من أهل المدينة وكان ثقة كثير الحديث وله كتاب في التفسير رواه عنه ولده عبد الرحمن توفي سنة 136 هـ. انظر: ترجمته في تذكرة الحفاظ 1/132 وتهذيب التهذيب 3/395 والأعلام 3/56.
[38765]:ساقط من ق.
[38766]:ط: يكون.
[38767]:انظر: قول زيد بن أسلم هذا في جامع البيان 14/96 والدر 5/126.