إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَأَشَارَتۡ إِلَيۡهِۖ قَالُواْ كَيۡفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي ٱلۡمَهۡدِ صَبِيّٗا} (29)

{ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ } أي إلى عيسى عليه السلام أنْ كلّموه ، والظاهر أنها حينئذ بينت نذرَها وأنها بمعزل من محاورة الإنس حسبما أُمرت ، ففيه دَلالةٌ على أن المأمورَ به بيانُ نذرها بالإشارة لا بالعبارة ، والجمعُ بينهما مما لا عهدَ به { قَالُواْ } منكرين لجوابها { كَيْفَ نُكَلّمُ مَن كَانَ في المهد صَبِيّاً } ولم نعهَد فيما سلف صبياً يكلمه عاقل ، وقيل : ( كان ) لإيقاع مضمونِ الجملة في زمان ماضٍ مبهمٍ صالحٍ لقريبه وبعيده ، وهو هاهنا لقريبه خاصة بدليل أنه مَسوقٌ للتعجب ، وقيل : هي زائدة والظرفُ صلة مَنْ وصبياً حال من المستكنّ فيه أو هي تامة أو دائمة كما في قوله تعالى : { وَكَانَ الله عَلِيماً حَكِيماً } .