{ فَقَاتِلْ في سَبِيلِ الله } تلوينٌ للخطاب وتوجيهٌ له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الالتفاتِ ، وهو جوابُ شرطٍ محذوفٍ ينساق إليه النظمُ الكريمُ أي إذا كان الأمرُ كما حُكي من عدم طاعةِ المنافقين وكيدِهم وتقصيرِ الآخَرين في مراعاة أحكامِ الإسلامِ فقاتِلْ أنت وحدَك غيرَ مكترثٍ بما فعلوا ، وقولُه تعالى : { لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ } أي إلا فِعْلَ نفسِكْ ، استئنافٌ مقرِّرٌ لما قبله فإن اختصاصَ تكليفِه عليه الصلاة والسلام بفعل نفسِه من موجبات مباشرتِه للقتال وحدَه ، وفيه دَلالةٌ على أن ما فعلوا من التثبّط لا يضُرُّه عليه الصلاة والسلام ولا يؤاخَذ به ، وقيل : هو حالٌ من فاعل قاتِلْ أي فقاتِلْ غيرَ مُكلَّفٍ إلا نفسَك وقرئ لا تُكَلّفُ بالجزم على النهي ، وقيل : على جواب الأمرِ ، وقرئ بنون العَظَمةِ أي لا نُكلِّفُك إلا فعلَ نفسِك لا على معنى لا تُكلّفُ أحداً إلا نفسَك { وَحَرّضِ المؤمنين } عطفٌ على الأمر السابقِ داخلٌ في حكمه ، فإن كونَ حالِ الطائفتين كما حُكي سببٌ للأمر بالقتال وحدَه وبتحريض خُلَّصِ المؤمنين ، والتحريضُ على الشيء الحثُّ عليه والترغيبُ فيه . قال الراغبُ : كأنه في الأصل إزالةُ الحرض وهو ما لا خير فيه ولا يُعتدُّ به أي رغِّبْهم في القتال ولا تُعنِّفْ بهم وإنما لم يُذكر المُحرَّضُ عليه لغاية ظهورِه . وقولُه تعالى : { عَسَى الله أَن يَكُفَّ بَأْسَ الذين كَفَرُوا } عِدَةٌ منه سبحانه وتعالى محقَّقةُ الإنجازِ بكف شدةِ الكفَرَة ومكروهِهِم ، فإن ما صدر بلعل وعسى مقرَّرُ الوقوعِ من جهته عز وجل وقد كان كذلك ، حيث روي أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم واعد أبا سفيانَ بعد حربِ أُحدٍ موسِمَ بدرٍ الصغرى في ذي القَعدةِ فلما بلغ الميعادَ دعا الناسَ إلى الخروج فكرِهه بعضُهم فنزلت فخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في سبعين راكباً ووافَوا الموعِدَ وألقى الله تعالى في قلوب الذين كفروا الرعبَ فرجعوا من مرِّ الظّهرانِ ، وروي أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وافي بجيشه بدراً وأقام بها ثمانيَ ليالٍ وكانت معهم تجاراتٌ فباعوها وأصابوا خيراً كثيراً وقد مر في سورة آل عمران { والله أَشَدُّ بَأْساً } أي من قريش { وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } أي تعذيباً وعقوبةً تُنكّل مَنْ يشاهدُها عن مباشرة ما يؤدي إليها ، والجملةُ اعتراضٌ تذييليٌّ مقرِّرٌ لما قبلها ، وإظهارُ الاسمِ الجليلِ لتربية المهابةِ وتعليلِ الحُكمِ وتقويةِ استقلالِ الجُملة ، وتكريرُ الخبرِ لتأكيد التشديدِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.