إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ لِلۡمُشۡرِكِينَ وَلَوۡ كَانُوٓاْ أُوْلِي قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ} (113)

{ مَا كَانَ للنبي والذين آمَنُواْ } بالله وحده ، أي ما صح لهم في حكم الله عز وجل وحكمتِه وما استقام { أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ } به سبحانه { وَلَوْ كَانُواْ } أي المشركين { أُوْلِى قربى } أي ذوي قرابةٍ لهم ، وجوابُ لو محذوفٌ لدلالة ما قبله عليه والجملةُ معطوفةٌ على جملة أخرى قبلها محذوفةٍ حذفاً مطّرداً كما بُيّن في قوله تعالى : { وَلَوْ كَرِهَ الكافرون } [ التوبة : 32 ] ونظائرِه . روي أنه عليه الصلاة والسلام قال لعمه أبي طالب لما حضرتْه الوفاةُ : «يا عمّ قل كلمةً أحُاجُّ لك بها عند الله » فأبي فقال عليه الصلاة والسلام : «لا أزال أستغفرُ لك ما لم أُنُهَ عنه » فنزلت . وقيل : لما افتتَح مكةَ خرج إلى الأبواء فزار قبرَ أمِّه ثم قام مستعبِراً فقال : «إني استأذنتُ ربي في زيارة قبرِ أمّي فأذِن لي ، واستأذنتُه في الاستغفار لها فلم يأذَنْ لي ، وأنزل علي الآيتين » . { من بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ } أي للنبي عليه الصلاة والسلام والمؤمنين { أَنَّهُمْ } أي المشركين { أصحاب الجحيم } بأن ماتوا على الكفر أو نزل الوحيُ بأنهم يموتون على ذلك .