التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ لِلۡمُشۡرِكِينَ وَلَوۡ كَانُوٓاْ أُوْلِي قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ} (113)

قوله تعالى : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم }

قال البخاري : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال : " لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أي عم ، قل لا إله إلا الله ، أحاج لك بها عند الله . فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب ، أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ، فنزلت { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } .

[ الصحيح 8/192 ح 4675 – ك التفسير – سورة التوبة ، ب الآية ] ، وأيضا 7/233 – ك مناقب الأنصار . باب قصة أبي طالب ] ، وأخرجه مسلم في [ الصحيح 1/54 ح 24 – ك الإيمان ، ب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ] .

قال مسلم : حدثنا يحيى بن أيوب ومحمد بن عباد واللفظ ليحيى قالا : حدثنا مروان بن معاوية ، عن يزيد يعني ابن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي ، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي ) .

[ الصحيح 2/671 ح 976 – ك الجنائز ، ب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه ] .

قال الترمذي : حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الخليل كوفي ، عن علي قال : سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان ، فقلت له : أتستغفر لأبويك وهما مشركان ، فقال : أو ليس استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك ، فذكرت ذلك للنبي فنزلت : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين . . . } .

[ السنن 5/281 ح 3101 – ك التفسير ، ب ومن سورة التوبة ] ، وأخرجه النسائي [ السنن 4/91 – ك الجنائز ، ب النهي عن الاستغفار للمشركين ] من طريق عبد الرحمن بن مهدي . وأحمد [ المسند ح 771 و1085 ] عن يحيى بن آدم ووكيع وعبد الرحمن . وابن أبي حاتم [ التفسير – التوبة/113 ح 1700 ] من طريق أبي نعيم . والحاكم [ المستدرك 2/335 ] من طريق أبي نعيم وأبي حذيفة ووكيع ، كلهم عن سفيان به ، وعند هؤلاء جميعا زيادة وهي : نزول قوله تعالى { وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة . . . } قال الترمذي : حديث حسن . وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي . وقال الألباني : حسن [ صحيح الترمذي ح 2477 ] وكذا قال أحمد شاكر : إسناده صحيح . قال الألباني في أحكام الجنائز [ ص 65 ] : في هذا الحديث أن سبب نزول الآية غير السبب المذكور في الحديث الذي قبله – يعني حديث المسيب - ، ولا تعارض بينهما لجواز تعدد سبب النزول كما وقع ذلك في غير آية وقد أيد هذا الحافظ في الفتح . [ 508/8 ط 1 من السلفية ] .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } الآية ، فكانوا يستغفرون لهم ، حتى نزلت هذه الآية فلما نزلت ، أمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم ، ولم ينههم أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا ، ثم أنزل الله : { وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه } .