لما بيّن الله سبحانه في أول السورة وما بعده أن البراءة من المشركين والمنافقين واجبة ، بين سبحانه هنا ما يزيد ذلك تأكيداً ، وصرّح بأن ذلك متحتم ، ولو كانوا أولي قربى ، وأن القرابة في مثل هذا الحكم لا تأثير لها . وقد ذكر أهل التفسير أن " ما كان " في القرآن يأتي على وجهين : الأوّل : على النفي نحو : { مَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله } ، والآخر : على معنى النهي نحو : { مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله } و { مَا كَانَ لِلنَّبِيّ والذين آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ } وهذه الآية متضمنة لقطع الموالاة للكفار ، وتحريم الاستغفار لهم ، والدعاء بما لا يجوز لمن كان كافراً ، ولا ينافي هذا ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال يوم أحد حين كسر المشركون رباعيته وشجوا وجهه : " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " ، لأنه يمكن أن يكون ذلك قبل أن يبلغه تحريم الاستغفار للمشركين . وعلى فرض أنه قد كان بلغه ، كما يفيده سبب النزول ، فإنه قبل يوم أحد بمدّة طويلة ، وسيأتي . فصدور هذا الاستغفار منه لقومه إنما كان على سبيل الحكاية عمن تقدّمه من الأنبياء ، كما في صحيح مسلم عن عبد الله ، قال : كأني أنظر إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه ، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول : ربّ اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون . وفي البخاري أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم ذكر نبياً قبله شجه قومه ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يخبر عنه بأنه قال : «اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون » قوله : { مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أصحاب الجحيم } هذه الجملة تتضمن التعليل للنهي عن الاستغفار ، والمعنى : أن هذا التبين موجب لقطع الموالاة لمن كان هكذا ، وعدم الاعتداد بالقرابة ؛ لأنهم ماتوا على الشرك . وقد قال سبحانه : { إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } . فطلب المغفرة لهم في حكم المخالفة لوعد الله ووعيده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.