الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٖ كَذِبٖۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٞۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} (18)

{ وَجَآءُو عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } أي بدم كذب ، وقيل : بدم ذي كذب لأنه لم يكن دم يوسف وإنما كان دم شاة ، وهذا كما يقال : الليلة الهلال ، وقيل : معناه بدم مكذوب فيه ، فوضع المصدر موضع الاسم ، كما يقال : ماله عقل ولا معقول .

وقرأت عائشة : بدم كدب بالدال غير المعجمة ، أي طري ، فبكى يعقوب عند ذلك ، وقال لبنيه : أروني قميصه فأروه ، فقال : يالله ما رأيت كاليوم ذئباً أحلم من هذا ، أكل ابني ولم يخرق عليه قميصه ، فحينئذ { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ } رتبت { أَمْراً فَصَبْرٌ } أي فمنّي أو فعليَّ صبر ، وقيل : فصبري صبرٌ { جَمِيلٌ } وقرأ الأشهب والعقيلي : فصبراً على المصدر أي فلأصبرنّ صبراً جميلا ، وهو الصبر الذي لا جزع ولا شكوى فيه .

وقيل : معناه لا أعاشركم على كآبة الوجه وحبوس الحنين ، بل أكون في المعاشرة معكم جميلا كما كنت .

وروى عبد الرزاق عن الثوري عن حبيب بن ثابت أن يعقوب النبي ( عليه السلام ) كان قد سقط حاجباه على عينيه وكان يرفعهما بخرقة فقيل له : ما هذا ؟ قال : طول الزمان وكثرة الأحزان فأوحى الله إليه : يا يعقوب أتشكوني ؟ قال : يا رب خطيئة أخطأتها فاغفرها لي .

{ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } من الكذب ، قالوا : وكان يوسف حين أُلقي في الجب ابن ثماني عشرة سنة ، وقيل : سبع عشرة سنة ، وقيل : كان ابن عشر ، ومكث فيه ثلاثة أيام .