{ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ } قال ابن عباس : يعني أنطاكية . وقال ابن سيرين : أيلة ، وهي أبعد أرض الله من السّماء { اسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا } ، أي ينزّلوهما منزلة الأضياف ؛ وذلك أنهما استطعماهم فلم يطعموهما ، واستضافاهم فلم يضيفوهما . [ أخبرنا عبد الله بن حامد عن أحمد بن عبد الله عن محمد بن عبد الله بن سلمان عن يحيى بن قيس عن أبي إسحاق عن ] سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أُبّي بن كعب أنه سمع
" رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا } قال : كانوا أهل قرية لئاماً " .
وقال قتادة في هذه الآية : شر القرى التي لا تُضيف الضيف ، ولا تعرف لابن السبيل حقّه .
{ فَوَجَدَا فِيهَا } ، أي في القرية { جِدَاراً } ، قال وهب : كان جداراً طوله في السماء مئة ذراع ، { يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ } هذا من مجاز الكلام ، لأن الجدار لا إرادة له ، وإنما معناه : قرب ودنا من ذلك ، كقول الله تعالى :
{ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } [ مريم : 90 ] . قال ذو الرمّة :قد كاد أو [ قد ] هم بالبيود
وقال بعضهم : إنما رجع إلى صاحبه ، لأن هذه الحالة إذا كانت من ربّه فهو إرادته ، كقول الله تعالى :
{ وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ } [ الأعراف : 154 ] وإنما يسكت صاحبه . وقال :
{ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ } [ محمد : 21 ] وإنما يعزم أهله . قال الحارثي :
يريد الرمح صدر أبي براء *** ويرغب عن دماء بني عقيل
إنّ دهراً يلف شمل سليمى *** لزمان يهّم بالإحسان
{ أَن يَنقَضَّ } ، أي يسقط وينهدم ، ومنه انقضاض الكواكب ، وهو سقوطها وزوالها عن أماكنها . وقرأ يحيى بن عمر : ( يريد أن ينقاض ) أي ينقلع وينصدع ، يقال : انقاضّت السنّ : انصدعت من أصلها . وقال بعض الكوفيين : الانقياض : الشق طولاً ، يقال : انقاض الحائط والسن وطيّ البئر ، إذا انشقت طولاً . { فَأَقَامَهُ } : سوّاه . قال ابن عباس : هدمه ثمّ قعد يبنيه . وقال سعيد بن جبير : مسح الجدار ودفعه بيده ، فاستقام . قال موسى : { لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ } ، وقرأ أبو عمرو : ( لتَخذت ) وهما لغتان مثل قولك : ( اتّبع ) و( تبِع ) ، و( اتّقى ) و( تقى ) ، قال الشاعر :
وقد تخدت رحلي إلى جنب غرزها *** نسيفاً كأفحوص القطاة المطرّق
وأنشد الزجاج في قوله : ( لتخذت ) قول أبي شمام الصبابي :
تخذوا الحديد من الحديد معاولاً *** سكانها الأرواح والأجساد
{ عَلَيْهِ } ، أي على إصلاحه وإقامته { أَجْراً } ، أي جَعْلاً وأُجرة . وقيل : قرىً وضيافة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.