الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَكَحۡتُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمۡ عَلَيۡهِنَّ مِنۡ عِدَّةٖ تَعۡتَدُّونَهَاۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (49)

قوله : { يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ } تجامعوهن { فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } تحصونها عليهن بالأقراء والأشهر { فَمَتِّعُوهُنَّ } أي أعطوهن ما يستمتعن به . قال ابن عبّاس : هذا إذا لم يكن سمّى لها صداقاً ، فإذا فرض لها صداقاً فلها نصفه ، وقال قتادة : هذه الآية منسوخة بقوله :

{ فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } [ البقرة : 237 ] وقيل : هو أمر ندب ، فالمتعة مستحبّة ونصف المهر واجب { وَسَرِّحُوهُنَّ } وخلّوا سبيلهن { سَرَاحاً جَمِيلاً } بالمعروف ، وفي الآية دليل على أنّ الطلاق قبل النكاح غير واقع خصَّ أو عمَّ خلافاً لأهل الكوفة .

أخبرني الحسين بن محمّد بن فنجويه ، عن ابن شنبه ، عن عبد الله بن أحمد بن منصور الكسائي ، عن عبد السلام بن عاصم الرازي ، قال : أخبرني أبو زهير ، عن الأحلج ، عن حبيب بن أبي ثابت قال : كنت قاعداً عند علي بن الحسين ، فجاءه رجل فقال : إنّي قلت : يوم أتزوّج فلانة بنت فلان فهي طالق . قال : اذهب تزوّجها ، فإنّ الله عزّ وجلّ بدأ بالنكاح قبل الطلاق ، وقال : { يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ } ولم يقل إذا طلقتموهن ثمّ نكحتموهن ولم يرهُ شيئاً . والدليل عليه ما أخبرنا الحسين بن محمّد بن الحسين ، عن عمر بن أحمد بن القاسم النهاوندي قال : أخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم المنذر النيسابوري بمكّة ، عن الربيع بن سليمان ، عن أيّوب بن سويد ، عن ابن أبي ذيب عن عطاء ، عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا طلاق قبل نكاح " .