الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَكَحۡتُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمۡ عَلَيۡهِنَّ مِنۡ عِدَّةٖ تَعۡتَدُّونَهَاۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (49)

ثم قال تعالى ذكره : { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات } الآية أي إذا تزوجتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل الدخول بهن والمجامعة والنكاح هنا العقد فلا عدة لكم عليهن/ { فمتعوهن } أي : أعطوهن ما يستمتعن به من عرض أو عين .

{ وسرحوهن سراحا جميلا } أي : خلوا سبيلهن تخلية بمعروف .

قال ابن عباس : إذا طلق التي لم يدخل بها واحدة بانت منه ولا عدة عليها ، تتزوج من شاءت ، فإن كان سمى لها صداقا فلها نصفه ، وإن كان لم يسم متعها على قدر عسره ويسره{[55601]} .

وقيل : المتعة منسوخة بقوله جل ذكره : { فنصف ما فرضتم }{[55602]} قاله{[55603]} ابن المسيب{[55604]} وقتادة وهذه الآية خصصت آية البقرة وبينتها وهي قوله تعالى :

{ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء }{[55605]} فظاهر الآية أن ذلك في كل مطلقة فبينت آية الأحزاب أن آية البقرة في المدخول بها . وكذلك آية الأحزاب خصصت وبينت آية الطلاق وهي قوله : { واللاتي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللاتي لم يحضن }{[55606]} فبينت آية الأحزاب أن الثلاثة الأشهر لهذين الصنفين ، إنما ذلك للمدخول بها ، كذلك أيضا آية الطلاق خصصت وبينت آن آية البقرة في غير الصنفين المذكورين في سورة الطلاق فصار في آية البقرة تخصيصان وبيانان من سورتين . وصارت آية الأحزاب مخصصة ومبينة آيتين من سورتين فآية الأحزاب أحكم إذ لا تخصيص فيها .

فالاعتداد للرجال ، أي : هم يستوفون من النساء ما عليهن من العدة . فالعدة على النساء ، والاعتداد للرجال لأن العدة التي على النساء حق للأزواج ليستبرءوا أرحامهن لئلا يلحق أولادهم بغيرهم ، أو يلحق بهم غير أولادهم .


[55601]:انظر: جامع البيان 22/19
[55602]:البقرة: آية 239
[55603]:انظر: جامع البيان 22/19 وأحكام الجصاص 3/365 ونواسخ القرآن لابن الجوزي 210، والجامع للقرطبي 14/205، والدر المنثور 6/625
[55604]:هو سعيد بن المسيب بن حزن أبو محمد المخزومي القرشي التابعي المشهور، فقيه ثقة عالم من أجل علماء المدينة، روى عن عمر وعثمان وعلي، وروى عنه الزهري وقتادة ومكحول وغيرهم، توفي سنة 93هـ انظر: حلية الأولياء 2/161 (170) وصفة الصفوة 2/79 (159) وتذكرة الحفاظ 1/54، 38، وتقريب التهذيب 1/305، 260.
[55605]:البقرة: آية 226
[55606]:الطلاق: آية 4