بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَكَحۡتُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمۡ عَلَيۡهِنَّ مِنۡ عِدَّةٖ تَعۡتَدُّونَهَاۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (49)

وقوله عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ } قرأ حمزة والكسائي { تماسّوهن } وقرأ الباقون { تَمَسُّوهُنَّ } مثل الاختلاف الذي ذكرنا في سورة البقرة { فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ } يعني : ليس للأزواج عليهن عدة { تَعْتَدُّونَهَا } وإنما خصّ المؤمنات ، لأن نكاح المؤمنات كان مباحاً في ذلك الوقت . فلما أحلّ الله تعالى نكاح الكتابيات ، صار حكم الكتابية وحكم المؤمنة في هذا سواء إذا طلقها قبل أن يخلو بها لا عدة عليها بالإجماع . وإن طلقها بعد ما خلا بها ، ولم يدخل بها فقد روي عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا : " لا عدة عليها " . وقال عمر وعلي ومعاذ وزيد بن ثابت وجماعة منهم رضي الله عنهم أن عليها العدة ، وهو أحوط الوجهين ، أنه إذا خلا بها ولم تكن المرأة حائضاً ، ولم يكن أحدهما مريضاً ، ولا محرماً ولا صائماً صوم فرض ، يجب على الزوج المهر كاملاً ، وعليها العدة احتياطاً .

وأما إذا كانت المرأة حائضاً ، أو مريضة ، أو محرمة ، أو صائمة عن فرض ، أو الرجل مريض أو صائم عن فرض أو محرم ، فطلقها بعد الخلوة قبل الدخول ، فعليه نصف المهر ، وعليها العدة احتياطاً .

ثم قال : { فَمَتّعُوهُنَّ } يعني : متعة الطلاق ثلاثة أثواب ، وهي مستحبة غير واجبة { وَسَرّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } يعني : خلوا سبيلهن تخلية حسنة ، وهو أن يعطيها حقها .