الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَكَحۡتُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمۡ عَلَيۡهِنَّ مِنۡ عِدَّةٖ تَعۡتَدُّونَهَاۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (49)

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { إذا نكحتم المؤمنات . . . } الآية . قال : هذا في الرجل . يتزوج المرأة ثم يطلقها من قبل أن يمسها ، فإذا طلقها واحدة بانت منه لا عدة عليها تتزوج من شاءت ، ثم قال { فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً } يقول : إن كان سمي لها صداقاً فليس لها إلا النصف ، وإن لم يكن سمي لها صداقاً متعها على قدر عسره ويسره ، وهو السراح الجميل .

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : التي نكحت ولم يَبْنِ بها ، ولم يفرض لها فليس لها صداق ، وليس عليها عدة .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن . . . } قال : هي منسوخة نسختها الآية التي في البقرة { فنصف ما فرضتم } [ البقرة : 237 ] .

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات } إلى قوله { فمتعوهن } قال : هي منسوخة . نسختها الآية التي في البقرة { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } [ البقرة : 237 ] فصار لها نصف الصداق ، ولا متاع لها .

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه عن أبي العالية رضي الله عنه قالا : ليست بمنسوخة ، لها نصف الصداق ، ولها المتاع .

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : لكل مطلقة متاع . دخل أو لم يدخل بها ، فرض لها أو لم يفرض لها .

وأخرج عبد بن حميد عن حسين بن ثابت رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى علي بن حسين فسأله عن رجل قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق قال : ليس بشيء . بدأ الله بالنكاح قبل الطلاق فقال { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن } .

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل يقول : إن تزوجت فلانة فهي طالق . قال : ليس بشيء . إنما الطلاق لمن يملك . قال ابن مسعود رضي الله عنه : كان يقول : إذا وقت وقتاً فهو كما قال . قال : رحم الله أبا عبد الرحمن لو كان كما قال : لقال الله { يا أيها الذين آمنوا إذا طلقتم النساء ثم نكحتموهن } ولكن إنما قال { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن } .

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن جريج رضي الله عنه قال : بلغ ابن عباس رضي الله عنهما : أن ابن مسعود يقول : إن طلق ما لم ينكح فهو جائز فقال ابن عباس رضي الله عنهما : أخطأ في هذا . إن الله تعالى يقول { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن } ولم يقل { إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن } .

وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه تلا { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن } قال : فلا يكون طلاق حتى يكون نكاح .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : إذا قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق ، أو إن تزوجت فلانة فهي طالق فليس بشيء ، إنما الطلاق لمن يملك من أجل أن الله يقول { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن } .

وأخرج البيهقي في السنن من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما قالها ابن مسعود ، وإن يكن قالها فزلة من عالم في الرجل يقول : إن تزوجت فلانة فهي طالق . قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات } ولم يقل { إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن } .

وأخرج الحاكم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا طلاق إلا بعد نكاح ، ولا عتق إلا بعد ملك » .

وأخرج عبد الرزاق وأبو داود والنسائي وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا طلاق فيما لا تملك ، ولا بيع فيما لا تملك ، ولا وفاء نذر فيما لا تملك ، ولا نذر إلا فيما ابتغى وجه الله تعالى ، ومن حلف على معصية فلا يمين له ، ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له » .

وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « لا طلاق فيما لا تملك ، ولا عتق فيما لا تملك » .

وأخرج ابن ماجة وابن مردوية عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « لا طلاق قبل نكاح ، ولا عتق قبل ملك » .