تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَكَحۡتُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمۡ عَلَيۡهِنَّ مِنۡ عِدَّةٖ تَعۡتَدُّونَهَاۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (49)

الآية 49 وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن }( {[16729]} ) ذكر أن رجلا جاء إلى ابن عباس ، فقال : كان بيني وبين عمتي كلام ، فقلت : يوم أتزوج ابنتك فهي طالق ثلاثا . فقال : تزوجها ، فهي لك حلال ، أما تقرأ هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات } الآية ؟ فجعل الطلاق بعد النكاح . وليس في الآية منع وقوع الطلاق إذا أضافه على ما بعد النكاح .

وقوله تعالى : { ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن }( {[16730]} ) تحتمل المماسة الجماع أي من قبل أن تجامعوهن ، ويحتمل من قبل أن تدخلوا بهن المكان الطي تماسوهن ، وإلا لو دخل بها المكان الذي يماسها ، ثم طلقها وجب لها نصف الصداق ؛ ويدل على ذلك قول الله حين( {[16731]} ) قال : { وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض } [ النساء : 21 ] والإفضاء ليس هو الجماع نفسه ، ولكن : الدنو منها ، والمس باليد أو شبهه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } هذا يدل على أن العدة من حق الزوج عليها حين( {[16732]} ) قال : { فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } ولا يجوز أن يجمع بين أختين في ماله من حق .

فعلى ذلك ليس له أن يجمع بين الأختين في حق العدة التي له قبلها ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فمتعوهن } قال بعضهم : هذه المتعة منسوخة بالآية التي ذكر في سورة البقرة حين( {[16733]} ) قال : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن( {[16734]} ) وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } [ الآية : 237 ] .

وقال بعضهم : هي التي وهبت نفسها بغير صداق . فإن لم يجب الصداق وجبت المتعة .

وعندنا إن كان سمى لها صداقا فليس لها إلا نصف الصداق ، ولا تجب عليه المتعة وجوب حكم ، لكن إن فعلها ، ومتعها فهو أفضل وأحسن . وإن كان لم يفرض لها صداقا ، ثم( {[16735]} ) طلقها قبل الدخول بها ، فهي واجبة على قدر عسره ويسره ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وسرحوهن /430-أ/ سراحا جميلا } قال بعضهم : السراح الجميل ، هو أن يمتعها إذا سرحها .

وقال بعضهم : السراح الجميل هو أن يبذل لها الصداق . وقال بعضهم : السراح الجميل ، هو أن يقول : لا تؤذوهن بألسنتكم إذا سرحتموهن ، والله أعلم .


[16729]:في الأصل: تماسوهن، وهي قراءة، انظر معجم القراءات القرآنية ج 5/129.
[16730]:في الأصل: تماسوهن، وهي قراءة، انظر الحاشية السابقة.
[16731]:في الأصل وم: حيث.
[16732]:في الأصل وم: حيث.
[16733]:في الأصل وم: حيث.
[16734]:في الأصل وم: تماسوهن، انظر معجم القراءات القرآنية ج 1/183.
[16735]:في الأصل وم: حتى.