الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{لَّا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ} (8)

رخّص الله سبحانه في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم ولم يخرجوهم من جميع الكافرين ، فقال عزّ من قائل : { لاَّ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ } تعدلوا فيهم بالإحسان والبر .

{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } واختلف العلماء فيمن نزلت فيهم هذه الآية ، فقال ابن عباس : نزلت في خزاعة منهم هلال بن عُدي وخزيمة ومزلقة بن مالك بن جعشم وبنو مدلج وكانوا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه أحداً ، وقال عبد الله بن الزُبير : نزلت في أسماء بنت أبي بكر وذلك أن أمها قتيلة بنت العزي بن عبد أسعد من بني مالك بن حنبل قدمت عليها المدينة بهدايا ضياباً وقرطاً وسمناً وهي مشركة ، فقالت أسماء : لا أقبل منك هدية ولاتدخلين عليّ في بيتي حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لها عائشة : رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية ، فأمر بها رسول الله أن تدخلها منزلها وتقبل هديّتها وتكرمها وتحسن إليها . وقال مرّة الهمداني وعطية العوفي : نزلت في قوم من بني هاشم منهم العباس .