وقوله تعالى : { لا ينهاكم الله } أي : الذي اختص بالجلال والإكرام { عن الذين لم يقاتلوكم } أي : بالفعل { في الدين } الآية رخصة من الله تعالى في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم ، قال ابن زيد : هذا كان في أوّل الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتال ، ثم نسخ ، قال قتادة : نسخها { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } [ التوبة : 5 ] وقال ابن عباس : نزلت في خزاعة ، وذلك أنهم صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه أحداً ، فرخص الله تعالى في برّهم .
وقال أكثر أهل التأويل : إنها محكمة ، واحتجوا بأنّ أسماء بنت أبي بكر قدمت أمّها وهي مشركة عليها المدينة بهدايا ، فقالت أسماء : لا أقبل منك هدية ، ولا تدخلي علي بيتاً حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته فأنزل الله تعالى هذه الآية فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تدخل منزلها ، وأن تقبل هديتها وتكرمها وتحسن إليها ، وفي ذلك إشارة إلى الاقتصار في العداوة والولاية ، كما قال صلى الله عليه وسلم «أحبب حبيبك هوناً مّا عسى أن يكون بغيضك يوماً ما ، وأبغض بغيضك هوناً مّا عسى أن يكون حبيبك يوماً ما » وروى عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه «أنّ أبا بكر الصدّيق رضي الله عنه طلق امرأته قتيلة في الجاهلية ، وهي أمّ أسماء بنت أبي بكر فقدمت عليهم في المدّة التي كانت فيها المهادنة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش ، فأهدت إلى أسماء بنت أبي بكر قرطاً وأشياء ، فكرهت أن تقبل منها حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأنزل الله تعالى : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين } ، { ولم يخرجوكم من دياركم أن } أي : لا ينهاكم عن أن { تبروهم } بنوع من أنواع البرّ الظاهرة ، فإنّ ذلك غير صريح في قصد المودّة { وتقسطوا إليهم } أي : تعطوهم قسطاً من أموالكم على وجه الصلة قال ابن العربي : وليس يريد به من العدل ، فإنّ العدل واجب فيمن قاتل وفيمن لم يقاتل وحكي أن القاضي إسماعيل بن إسحاق دخل عليه ذمي فأكرمه فأخذ عليه الحاضرون في ذلك فتلا عليهم هذه الآية { إن الله } أي : الذي له الكمال كله { يحب } أي : يثيب { المقسطين } أي : الذين يزيلون الجور ، ويوقعون العدل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.