الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يَحۡذَرُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيۡهِمۡ سُورَةٞ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلِ ٱسۡتَهۡزِءُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخۡرِجٞ مَّا تَحۡذَرُونَ} (64)

{ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم } ، قال مجاهد : كانوا يقولون القول بينهم ثم يقولون : عسى الله أن لا يفشي سرّنا فقال الله لنبيّه متهدداً { قُلِ اسْتَهْزِءُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ } قال قتادة : كانت تسمى هذه السورة الفاضحة والمثيرة والمبعثرة ، أثارت مخازيهم ومثالبهم . قال الحسن : كان المسلمون يسمّون هذه السورة الحفّارة ، حفرت ما في قلوب المنافقين فأظهرته .

قال ابن كيسان نزلت هذه الآية في " اثني عشر رجلاً من المنافقين وقفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على العقبة لما رجع من غزوة تبوك ليفتكوا به إذا حلأها ، ومعهم رجل مسلم يخفيهم شأنه وتنكروا له في ليلة مظلمة فأخبر جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قدموا له ، وأمره أن يرسل إليهم من يضرب وجوه رواحلهم ، وعمار بن ياسر يقود برسول الله صلى الله عليه وسلم وحذيفة يسوق به .

قال لحذيفة : اضرب بها وجوه رواحلهم ، فضربها حتى نحاهم ، فلمّا نزل قال لحذيفة : هل عرفت من القوم ؟ قال : لم أعرف منهم أحداً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنّهم فلان وفلان حتى عدهم كلّهم ، فقال حذيفة ألا تبعث إليهم فتقتلهم ، قال : «أكره أن يقول العرب لما ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم ، بل يكفيكم الله الدبيلة » قيل : يا رسول الله وما الدبيلة ؟ قال : «شهاب من جهنم يوضع على نياط فؤاد أحدهم حتى تزهق نفسه فكان كذلك . "