التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ يَصۡدُرُ ٱلنَّاسُ أَشۡتَاتٗا لِّيُرَوۡاْ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (6)

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك أحوال الناس فى هذا اليوم فقال : { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ الناس أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } .

والجملة الكريمة بدل من جملة " يومئذ تحدث أخبارها " ، وقوله { يَصْدُرُ } فعل مضارع من الصدَر - بفتح الدال - على الرجوع عن الشرب ، يقال : صدرَ الناس عن الوِرْد ، إذا انصرفوا عنه . و { أَشْتَاتاً } جمع شتيت ، أى : متفرق ، ومنه قولهم : شتت الله جمع الأعداء ، أى فرق أمرهم .

وقوله - تعالى - { لِّيُرَوْاْ } فعل مضارع مبنى للمجهول ، وماضيه المبنى للمعلوم " أراه " بمعنى أطلعه . أي : فى هذا اليوم الذى تتزلزل فيه الأرض زلزلة شديدة . يخرج الناس من قبورهم متجهين أشتاتا إلى موقف الحساب ، وكل واحد منهم مشغول بنفسه ، لكي يبصروا جزاء أعالهم ، التى عملوها فى دنياهم .

وجاء فعل " ليروا " مبنيا للمجهول ؛ لأن المقصود رؤيتهم لأعمالهم ، وليس المقصود تعيين من يريهم إياها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ يَصۡدُرُ ٱلنَّاسُ أَشۡتَاتٗا لِّيُرَوۡاْ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (6)

{ يومئذ يصدر الناس } من مخارجهم من القبور إلى الموقف { أشتاتا } متفرقين بحسب مراتبهم { ليروا أعمالهم } جزاء أعمالهم ، وقرئ بفتح الياء .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ يَصۡدُرُ ٱلنَّاسُ أَشۡتَاتٗا لِّيُرَوۡاْ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (6)

وقوله تعالى : { يومئذ يصدر الناس أشتاتاً } بمعنى : يتصرفون موضع وردهم مختلفي الأحوال . وواحد الأشتات : شت ، فقال جمهور الناس : الورد هو الكون في الأرض بالموت والدفن ، والصدر : هو القيام للبعث ، و { أشتاتاً } : معناه : قوم مؤمنون وقوم كافرون ، وقوم عصاة مؤمنون ، والكل سائر إلى العرض ليرى عمله ، ويقف عليه ، وقال النقاش : الورد هو ورد المحشر ، والصدر { أشتاتاً } : هو صدر قوم إلى الجنة ، وقوم إلى النار

وقوله تعالى : { ليروا أعمالهم } إما أن يكون معناه جزاء أعمالهم يراه أهل الجنة من نعيم ، وأهل النار بالعذاب ، وإما أن يكون قوله تعالى : { ليروا أعمالهم } متعلقاً بقوله : { بأن ربك أوحى لها } ، ويكون قوله : { يومئذ يصدر الناس أشتاتاً } اعتراضاً بين أثناء الكلام ، وقرأ جمهور الناس : «ليُروا » ، بضم الياء على بناء الفاعل للمفعول ، وقرأ الحسن والأعرج وحماد بن سلمة والزهري وأبو حيوة : «ليَروا » بفتح الياء على بنائه للفاعل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ يَصۡدُرُ ٱلنَّاسُ أَشۡتَاتٗا لِّيُرَوۡاْ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (6)

وقوله : { يومئذ يصدر الناس أشتاتاً } بدل من جملة : { يومئذ تحدث أخبارها } والجواب هو فعل { يصدر الناس } وقوله : { يومئذ } يتعلق به ، وقُدم على متعلقه للاهتمام . وهذا الجواب هو المقصود من الكلام لأن الكلام مسوق لإِثبات الحشر والتذكير به والتحذير من أهواله فإنه عند حصوله يعلم الناس أن الزلزال كان إنذاراً بهذا الحشر .

وحقيقة { يصدر الناس } الخروج من محل اجتماعهم ، يقال : صدر عن المكان ، إذا تركه وخرج منه صُدوراً وصَدَراً بالتحريك . ومنه الصَدَر عن الماء بعد الورد ، فأطلق هنا فعل { يصدر } على خروج الناس إلى الحشر جماعات ، أو انصرافهم من المحشر إلى مآويهم من الجنة أو النار ، تشبيهاً بانصراف الناس عن الماء بعد الورد .

وأشتات : جمع شَتّ بفتح الشين وتشديد الفوقية وهو المتفرق ، والمراد : يصدرون متفرقين جماعات كل إلى جهة بحسب أعمالهم وما عُيّن لهم من منازلهم .

وأشير إلى أن تفرقهم على حسب تناسب كل جماعة في أعمالها من مراتب الخير ومنازل الشر بقوله : { ليروا أعمالهم } ، أي يصدرون لأجل تلقي جزاء الأعمال التي عملوها في الحياة الدنيا فيقال لكل جماعة : انظروا أعمالكم ، أو انظروا مآلكم .

وبُني فعل { ليروا } إلى النائب لأن المقصود رؤيتهم أعمالهم لا تعيينُ مَن يريهم إياها . وقد أجمع القراء على ضم التحتية .

فالرؤية مستعملة في رؤية البصر والمرئي هو منازل الجزاء ، ويجوز أن تكون الرؤية مستعملة في العلم بجزاء الأعمال فإن الأعمال لا تُرى ولكن يظهر لأهلها جزاؤها .