التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ} (3)

ثم بشره - سبحانه - ببشارة أخرى فقال : { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر } والشانئ : هو المبغض لغيره ، يقال : شَنَأَ فلان شَنْئاً ، إذا أبغضه وكرهه .

والأبتر فى الأصل : هو الحيوان المقطوع الذنب ، والمراد به هنا : الإِنسان الذى لا يبقى له ذكر . ولا يدوم له أثر .

شبه بقاء الذكر الحسن بذنب الحيوان ؛ لأنه تابع له وهو زينته ، وشبه الحرمان من ذلك ببتر الذي وقطعه .

والمعنى : إن مبغضك وكارهك - أيها الرسول الكريم - هو المقطوع عن كل خير ، والمحروم من كل ذكر حسن .

قال الإِمام ابن كثير : " كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له ، فإذا هلك انقطع ذكره ، فأنزل الله - تعالى - هذه السورة " .

وقال السدى : كانوا إذا مات ذكور الرجل قالوا : بتر ، فلما مات أبناء النبى صلى الله عليه وسلم قالوا : بتر محمد ، فأنزل الله هذه الآية .

وهذا يرجع إلى ما قلناه من أن الأبتر إذا مات انقطع ذكره ، فتوهموا لجهلهم أنه إذا مات بنوه ينقطع ذكره ، وحاشا وكلا ؛ بل أبقى الله ذكره على رءوس الأشهاد ، وأوجب شرعه على رقاب العباد ، مستمرا على دوام الآباد ، إلى يوم الحشر والمعاد ، صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم التناد . . .

نسأل الله - تعالى - أن يجعلنا من أهل شفاعته يوم القيامة .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ} (3)

{ إن شانئك } إن من أبغضك لبغضه الله هو الأبتر الذي لا عقب له ، إذ لا يبقى له نسل ولا حسن ذكر ، وأما أنت فتبقى ذريتك وحسن صيتك وآثار فضلك إلى يوم القيامة ، ولك في الآخرة ما لا يدخل تحت الوصف .

ختام السورة:

عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة الكوثر سقاه الله من كل نهر له في الجنة ، ويكتب له عشر حسنات بعدد كل قربان قربه العباد في يوم النحر العظيم " .