ذكر المفسرون فى سبب نزول الآية الأولى من هذه الآيات روايات منها ما جاء عن سعيد بن جبير أنه قال : كان النبى صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر الأسود فى طوافه ، فمنعته قريش وقالوا : لا ندعك تستلم حتى تُلم بآلهتنا . . . فأبى الله - تعالى - ذلك ، وأنزل عليه هذه الآية .
وروى عطاء عن ابن عباس قال : نزلت فى وفد ثقيف ، أتوا النبى صلى الله عليه وسلم فسألوه شططا : وقالوا : متعنا بآلهتنا سنة حتى نأخذ ما يُهدى لها . وحرم وادينا كما حرمت مكة ، حتى تعرف العرب فضلنا عليهم . . . فنزلت هذه الآية .
و { إن } فى قوله { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ . . . } مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن .
و { كاد } من أفعال المقاوبة . و { يفتنونك } من الفتنة ، وأصلها الاختبار والامتحان . يقال : فتن الصائغ الذهب ، أى : اختبره ليعرف جيده من خبيثه ، ويقال : فتنت الرجل عن رأيه ، إذا أزلته عما كان عليه ، وهو المراد هنا .
والمعنى ؛ وإن شأن هؤلاء المشركين ، أنهم قاربوا فى ظنهم الباطل ، وزعمهم الكاذب ، أن يخدعوك ويفتنوك - أيها الرسول الكريم - عما أوحينا إليك من هذا القرآن ، لكى تفترى علينا غيره ، وتتقول علينا أقوالاً ما أنزل الله بها من سلطان .
وقوله : { وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } بيان لحالهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم لو أنه أطاعهم فيما اقترحوه عليه .
قال الجمل ما ملخصه : " وإذًا حرف جواب وجزاء يقدر بلو الشرطية . وقوله : { لاتخذوك } جواب قسم محذوف تقديره : والله لاتخذوك ، وهو مستقبل فى المعنى ، لأن إذًا تقتضى الاستقبال ، إذ معناها المجازاة ، وهذا كقوله - تعالى - : { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } أى : ليظلوا .
والمعنى : لو أنك - أيها الرسول الكريم - وافقتهم على مقترحاتهم الفاسدة لأحبوا ذلك منك ، ولصاروا أصدقاء لك فى مستقبل أيامك .
وقد بين القرآن الكريم فى كثير من آياته ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعرض عن مقرحاتهم ورفضها ، ولم يلتفت إليها ، ومن ذلك قوله - تعالى - : { وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ائت بِقُرْآنٍ غَيْرِ هاذآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نفسي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَيَّ إني أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُل لَّوْ شَآءَ الله مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }
يخبر تعالى عن تأييد{[17693]} رسوله ، صلوات الله عليه وسلامه{[17694]} ، وتثبيته ، وعصمته وسلامته من شر الأشرار وكيد الفجار ، وأنه تعالى هو المتولي أمره ونصره ، وأنه لا يكله إلى أحد من خلقه ، بل هو وليه وحافظه وناصره ومؤيده ومظفره ، ومظهر{[17695]} دينه على من عاداه وخالفه وناوأه ، في مشارق الأرض ومغاربها ، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرًا إلى يوم الدين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.