التفسير : لما عدد في الآيات المتقدمة أقسام نعمه على بني آدم وشرح أحوال السعداء أردفه بما يجري مجرى تحذير السعداء من الاغترار بوساوس الأشقياء . عن ابن عباس في رواية عطاء أن وفد ثقيف قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : لا ندخل في أمرك حتى تعطينا خصالاً نفتخر بها على العرب ، لا نعشر - أي لا تؤخذ عشور أموالنا - ولا نحشر ولا نجبي في صلاتنا أي لا نسجد ، وكل رباً لنا فهو لنا ، وكل رباً علينا فهو موضوع عنا ، وأن تمتعنا باللات سنة ولا نكسرها بأيدينا عند رأس الحول ، وأن تمنع من قصد وادينا وجّ فعضد شجره فإذا سألتك العرب لم فعلت ذلك ؟ فقل : إن الله أمرني به وجاؤوا بكتابهم فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله لثقيف لا يعشرون ولا يحشرون فقالوا : ولا يجبون ، فسكت رسول الله ثم قالوا للكاتب : اكتب " ولا يجبون " والكاتب ينظر إلى رسول الله . فقام عمر بن الخطاب فسل سيفه وقال : أسعرتم قلب نبينا يا معشر ثقيف أسعر الله قلوبكم ناراً . فقالوا : لسنا نكلمك إنما نكلم محمداً . وقال عمر : أما ترون رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عن الكلام كراهية لما تذكرونه فأنزل الله الآية . وهذه القصة وقعت بعد الهجرة فلهذا قال المفسرون إنها ليست بمكية . وروي أن قريشاً قالوا له اجعل آية رحمة آية عذاب وآية عذاب آية رحمة فنزلت . وقال الحسن : إن الكفار أخذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة فقالوا : كف يا محمد عن ذم آلهتنا وشتمها ، ولو كان ذلك حقاً كان فلان وفلان بهذا الأمر أحق منك . فوقع في قلب رسول الله أن يكف عن شتم آلهتهم . وعن سعيد بن جبير أنه صلى الله عليه وسلم كان يستلم الحجر فتمنعه قريش ويقولون : لا ندعك حتى تستلم بآلهتنا فوقع في نفسه أن يفعل ذلك مع كراهية فنزلت . قال القفال : من المعلوم أن المشركين كانوا يسعون في إبطال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأقصى ما يقدرون عليه ، فتارة كانوا يقولون : لو عبدت آلهتنا عبدنا آلهك فنزلت : { قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون } [ الكافرون : 1 ، 2 ] وقوله : { ودّوا لو تدهن فيدهنون } [ القلم :9 ] وتارة عرضوا عليه الأموال الكثيرة والنسوان الجميلة ليترك ادعاء النبوة فنزلت { ولا تمدّن عينيك إلى ما متعنا } [ طه : 131 ] وأخرى دعوه إلى طرد المؤمنين فنزل : { ولا تطرد الذين يدعون ربهم }
[ الأنعام : 52 ] وكل ذلك دليل على أنهم قصدوا أن يفتنوه عن دينه ويزيلوه عن منهجه . فلو لم يكن شيء من الروايات المذكورة موجوداً لكان للآية محمل صحيح . والمعنى وإن الشأن قاربوا أن يخدعوك فاتنين . وأصل الفتنة الاختبار ومنه فتن الصائغ الذهب ثم استعمل في كل من أزال الشيء عن حده وجهته ، وذلك في إعطائهم ما سألوه مخالفة لحكم القرآن وافتراء على الله من تبديل الوعد بالوعيد وغير ذلك { وإذا لاتخذوك } أي لو اتبعت مرادهم لاتخذوك { خليلاً } ولكنت لهم ولياً وخرجت من ولايتي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.