فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِن كَادُواْ لَيَفۡتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ لِتَفۡتَرِيَ عَلَيۡنَا غَيۡرَهُۥۖ وَإِذٗا لَّٱتَّخَذُوكَ خَلِيلٗا} (73)

{ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً ( 73 ) }

ثم لما عدد سبحانه في الآية المتقدمة أقسام النعم على بني آدم أردفه بما يجري مجرى التحذير من الاغترار بوساوس الأشقياء فقال : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } المعنى إن الشأن أنهم قد قاربوا أن يخدعوك فاتنين ، وأصل الفتنة الاختبار ، ومنه فتن الصانع الذهب ثم استعمل في كل من أزال الشيء عن حده وجهته { عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } من الأوامر والنواهي والوعد والوعيد { لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ } أي لتتقول وتكذب علينا غير الذي أوحينا إليك مما اقترحه علينا كفار قريش ولم نقله .

وذلك لأن في إعطائهم ما سألوه مخالفة لحكم القرآن وافتراء على الله سبحانه من تبديل الوعد بالوعيد وغير ذلك . وعن ابن عباس قال : إن أمية ابن خلف وأبا جهل بن هشام ورجالا من قريش أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا : تعال فتمسح آلهتنا وندخل معك في دينك ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشتد عليه فراق قومه ويحب إسلامهم فرق لهم ، فأنزل الله هذه الآية ، وعن جابر بن عبد الله مثله .

وعن سعيد بن جبير قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستلم الحجر فقالوا : لا ندعك تستلمه حتى تستلم بآلهتنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( وما علي لو فعلت والله يعلم مني خلافه ) فأنزل الله : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } الآية وعن ابن شهاب نحوه .

وعن جبير بن نفير أن قريشا أتوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا : كنت أرسلت إلينا فاطرد الذين اتبعوك من سقاط الناس ومواليهم لنكون نحن أصحابك فركن إليهم ، فأوحى الله إليه هذه الآية . وقال الجلال السيوطي وغيره : أن ثقيفا سألوه صلى الله عليه وآله وسلم أن يحرم واديهم وألحوا عليه فنزلت هذه الآية :

{ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } أي لو اتبعت أهواءهم لوالوك ووافوك وصافوك مأخوذ من الخلة بفتح الخاء .