الآية73 : وقول تعالى : { وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك } دل على هذا أنه قد كان من الكفرة شيء ( من الدعاء على شيء ){[11104]} يصير مفتونا لو أجابهم إلى ذلك . وكذلك كانت عادة الكفرة ( يكادون يضلون ){[11105]} رسول الله صلى الله عليه وسلم ويفتنونه{[11106]} عن الذي أوحي إليه ، ويصرفونه{[11107]} عنه ، كقولهم : { ائت بقرآن غير هذا أو بدله } ( يونس : 15 ) هكذا كانت عادتهم ؛ كانوا يطلبون منه الافتراء على الله والضلال على وجه المكر به لا ضلال على وجه تصريح وكفر تصريح ، ولكن بمعنى{[11108]} : يؤدي ذلك إلى الضلال والكفر ؛ يريدون المساعدة لهم في بعض ما هم فيه بما كانوا يرونه من الموافقة له والمساعدة .
لكن الله عصم رسوله عن جميع ما كانوا يطلبون منه بالآيات التي ذكر في كتابه وبالعقول كقوله : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم } الآية ( النساء : 65 )
أخبر أنهم لا يؤمنون حتى { لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما } ( النساء : 65 ) قضى . ومن لم يكن معصوما يَجُزْ {[11109]} أن يوجد منه حرج مما قضى به ، وكقوله : { عن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة } ( الأحزاب : 57 ) ومن لم يكن معصوما ما يجز{[11110]} أن يؤذى ، وتلحقه{[11111]} اللعنة ، وقوله : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } الآية( الأحزاب : 36 ) فمن لم يكن معصوما يجز{[11112]} أن تكون ( له ){[11113]} الخيرة من أمره ، وقوله : { وأطيعوا الله ورسوله } ( الأنفال : 1 ) وأمثاله مما يكثر عددها{[11114]} .
وكذلك العقول تشهد أنه كان معصوما . فمن أراد أن يصرف ، ويزيل عنه العصمة بتأويل ، يتأوله في بع الآيات ، أو بحديث ، يرويه ، فإنا لا نقبل تأويله ولا خبره{[11115]} الذي روي ، ونشهد أنه كذب .
ويجوز أن يكون في خبره الذي روى معنى آخر سواه ، فليس له أن يروي إلا بالمعنى الذي كان فيه .
فتأويل أهل التأويل أنه ألقى عليه الشيطان ، ولقنه عند تلاوته : { أفرأيتم اللات والعزى } { ومناوة الثالثة الأخرى }( النجوم : 19و20 )تلك الغَرانِيق العلى ، شَفَاعَتُهُنَّ ترتجى .
وقال بعضهم : لا ندعك تستسلم الحجر إلا أن تستلم آلهتنا ، ونحوه .
إن ذلك كله فاسد خيال ؛ إنه كان لا يحوم حول أصنامهم في حال صغره ، ولا رأوه دنا منها حتى لم يطمعوا بذلك{[11116]} الاستلام بعدما أوحي إليه ، وصار رسولا ؟ وكذلك ما ذكروا أنهم طلبوا منه أن يطرد بعض الذين اتبعوا عنه ليكونوا هم أتباعه{[11117]} ، فَهَمَّ أن يفعل ذلك ، فنزل{ وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك } لكن ذلك كله فاسد خيال ، لا يحتمل ما توهموا فيه ، لأنهم لم يعرفوه حق معرفته ، و إلا لو عرفوه حقيقة المعرفة ما توهموا فيه شيئا من ذلك ، وبالله التوفيق والمعونة . ثم قوله : { ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا } قد ذكرنا أن عادتهم ذلك ، إلا أن الله عصمه عن ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.