الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَإِن كَادُواْ لَيَفۡتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ لِتَفۡتَرِيَ عَلَيۡنَا غَيۡرَهُۥۖ وَإِذٗا لَّٱتَّخَذُوكَ خَلِيلٗا} (73)

روي أنّ ثقيفاً قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : لا ندخل في أمرك حتى تعطينا خصالاً نفتخر بها على العرب : لا نعشر ؛ ولا نحشر ، ولا نجبي في صلاتنا ، وكل ربا لنا فهو لنا ، وكل ربا علينا فهو موضوع عنا ، وأن تمتعنا باللات سنة ، ولا نكسرها بأيدينا عند رأس الحول ، وأن تمنع من قصد وادينا وجّ فعضد شجره ، فإذا سألتك العرب : لم فعلت ذلك ؟ فقل : إن الله أمرني به ، وجاؤا بكتابهم فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم : هذا كتاب من محمد رسول الله لثقيف : لا يعشرون ولا يحشرون ، فقالوا : ولا يجبون . فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قالوا للكاتب : اكتب : ولا يجبون ، والكاتب ينظر إلى رسول الله ، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسل سيفه وقال : أسعرتم قلب نبينا يا معشر ثقيف أسعر الله قلوبكم ناراً ، فقالوا : لسنا نكلم إياك ، إنما نكلم محمداً . فنزلت . وروي أنّ قريشاً قالوا له : اجعل آية رحمة آية عذاب ، وآية عذاب آية رحمة ، حتى نؤمن بك . فنزلت { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } إن مخففة من الثقيلة ، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية . والمعنى : أن الشأن قاربوا أن يفتنوك أي يخدعوك فاتنين { عَنِ الذى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } من أوامرنا ونواهينا ووعدنا ووعيدنا { لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا } لتقول علينا ما لم نقل ، يعني ما أرادوه عليه من تبديل الوعد وعيداً والوعيد وعداً ، وما اقترحته ثقيف من أن يضيف إلى الله ما لم ينزله عليه { وَإِذاً لاَّتَّخَذوُكَ } أي ولو اتبعت مرادهم لاتخذوك { خَلِيلاً } ولكنت لهم ولياً وخرجت من ولايتي .