الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَإِن كَادُواْ لَيَفۡتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ لِتَفۡتَرِيَ عَلَيۡنَا غَيۡرَهُۥۖ وَإِذٗا لَّٱتَّخَذُوكَ خَلِيلٗا} (73)

{ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } الآية اختلفوا في سبب نزولها .

فقال سعيد بن جبير : كان النبي صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر الأسود فمنعته قريش وقالوا : لاندعك حتّى تلم بآلهتنا فحدث نفسه وقال : ما عليَّ أن ألمَّ بها والله يعلم إني لها كاره بعد أن يدعونني أستلم الحجر فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية .

قتادة : ذكر لنا أن قريشاً خلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إلى الصباح يكلمونه ويخيرونه ويسودونه ويقارنونه وكان في قولهم أن قالوا : إنك تأتي بشيء لايأتي به أحد من الناس وأنت سيدنا فإين سيدنا فمازالوا يكلمونه حتّى كاد يقاربهم في بعض مايريدون ثمّ عصمه الله تعالى من ذلك وأنزل هذه الآية .

مجاهد : مدح آلهتهم وذكرها ففرحوا . ابن [ جموح ] : أتوه وقالوا له : أئت آلهتنا فأمسها فذلك قوله { شَيْئاً قَلِيلاً } .

ابن عبّاس : قدم وفد ثقيف على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : نبايعك على أن تعطينا ثلاث خصال .

قال : ماهن ؟

فقالوا : لا ننحني في الصلاة ولا نكسر أصناماً بأيدينا [ وتمتعنا باللات ] سنة .

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا خير في دين لا ركوع فيه ولا سجود وأما أن لا تكسروا أصنامكم بأيديكم فذلك لكم وأما الطاعة للات فإني غير ممتعكم بها " .

فهنا قالوا لرسول الله : فإنا نحب أن تسمع العرب أنك أعطيتنا مالم تعطه غيرنا فإن كرهت ذلك وخشيت أن تقول العرب أعطيتهم مالم تعطنا فقل الله أمرني بذلك ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم ليؤمنوا ، فعرف عمر ( رضي الله عنه ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لما سألوه فقال : ما لكم آذيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرق الله أكبادكم إن رسول الله لا يدع الأصنام في أرض العرب إما أن تسلموا وإما أن ترجعوا فلا حاجة لنا فيكم .

فأنزل الله تعالى هذه الآية ووعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم ذلك .

عطية عنه قالت ثقيف للنبي صلى الله عليه وسلم أجّلنا سنة حتّى نقبض ما تُهدي لآلهتنا فإذا قبضنا التي تُهدى لآلهتنا كسرناها وأسلمنا ، فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤجلهم فأنزل الله تعالى { وَإِن كَادُواْ } وقد هموا { لَيَفْتِنُونَكَ } ليستزلونك ويصرفونك { عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ } لتختلف { عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً } لو فعلت مادعوك إليه { لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } أي قالوك وصافوك