البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِن كَادُواْ لَيَفۡتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ لِتَفۡتَرِيَ عَلَيۡنَا غَيۡرَهُۥۖ وَإِذٗا لَّٱتَّخَذُوكَ خَلِيلٗا} (73)

الضمير في { وإن كادوا } قيل لقريش .

وقيل لثقيف ، وذكروا أسباب نزول مختلفة وفي بعضها ما لا يصح نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويوقف على ذلك في تفسير ابن عطية والزمخشري والتحرير وغير ذلك ، ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما عدد نعمه على بني آدم ثم ذكر حالهم في الآخرة من إيتاء الكتاب باليمين لأهل السعادة ، ومن عمى أهل الشقاوة أتبع ذلك بما يهم به الأشقياء في الدنيا من المكر والخداع والتلبيس على سيد أهل السعادة المقطوع له بالعصمة ، ومعنى { ليفتنونك } ليخدعونك وذلك في ظنهم لا أنهم قاربوا ذلك إذ هو معصوم عليه السلام أن يقاربوا فتنته عما أوحى الله إليه ، وتلك المقاربة في زعمهم سببها رجاؤهم أن يفتري على الله غير ما أوحى الله إليه من تبديل الوعد وعيداً أو الوعيد وعداً ، وما اقترحته ثقيف من أن يضيف إلى الله ما لم ينزل عليه و { إن } هذه هي المخففة من الثقيلة ، وليتها الجملة الفعلية وهي { كادوا } لأنها من أفعال المقاربة وإنما تدخل على مذهب البصريين من الأفعال على النواسخ التي للإثبات على ما تقرر في علم النحو ، واللام في { ليفتنونك } هي الفارقة بين إن هذه وإن النافية { وإذاً } حرف جواب وجزاء ، ويقدر قسم هنا تكون { لاتخذوك } جواباً له ، والتقدير والله { إذاً } أي إن افتتنت وافتريت { لاتخذوك } جواباً له ، والتقدير والله { إذاً } أي إن افتتنت وافتريت { لاتخذوك } ولا اتخذوك فى معنى ليتخذونك كقوله { ولئن أرسلنا ريحاً فرأوه مصفراً لظلوا } أي ليظلنّ لأن { إذاً } تقتضي الاستقبال لأنها من حيث المعنى جزءاً فيقدر موضعها بأداة الشرط .

وقال الزمخشري : { وإذاً لاتخذوك } أي ولو اتبعت مرادهم { لاتخذوك خليلاً } ولكنت لهم ولياً ، ولخرجت من ولايتي انتهى .

وهو تفسير معنى لا إن { لاتخذوك } جواب لو محذوفة .