الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَإِن كَادُواْ لَيَفۡتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ لِتَفۡتَرِيَ عَلَيۡنَا غَيۡرَهُۥۖ وَإِذٗا لَّٱتَّخَذُوكَ خَلِيلٗا} (73)

قوله تعالى : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } : " إنْ " هذه فيها المذهبان المشهوران : مذهبُ البصريين : أنها مخففةٌ ، واللامُ فارقةٌ بينها وبين " إنْ " النافية ، ولهذا دَخَلَتْ على فعلٍ ناسخٍ ، ومذهبُ الكوفيين أنها بمعنى " ما " النافيةِ ، واللامُ بمعنى " إلا " . وضُمِّنَ " يَفْتِنُونَك " معنى يَصْرِفُونك " فلهذا عُدِّي ب " عن " تقديرُه : لَيَصْرِفُونَكَ بفتنتِهم . و " لتفترِيَ " متعلِّقٌ بالفتنةِ .

قوله : { وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ } " إذن " حرفُ جوابٍ وجزاءٍ ؛ ولهذا تقع أداةُ الشرطِ موقعَها ، و " لاتَّخذوك " جوابُ قسمٍ محذوفٍ تقديرُه : إذن واللهِ لاتَّخذوك ، وهو مستقبلٌ في المعنى ، لأنَّ " إذَنْ " تقتضي الاستقبالَ ؛ إذ معناها المجازاةُ . وهذا كقولِه : { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّواْ }

[ الروم : 51 ] ، أي : ليَظَلُّنَّ . وقولُ الزمخشري : " أي : ولو اتَّبَعْتَ مرادَهم لاتَّخذُوك " تفسيرُ معنى لا إعرابٍ ، لا يريد بذلك أنَّ " لاتَّخَذُوك " جوابٌ ل " لو " محذوفةُ إذ لا حاجةَ إليه .