التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَهُمۡ خَيۡرٌ أَمۡ قَوۡمُ تُبَّعٖ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ} (37)

وقوله - سبحانه - : { أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ . . . } تهديد لهم على جهالاتهم وإصرارهم على كفرهم .

والمراد بتبع : أبو كريب بن مليك ، ويسمى بتبع الحميرى . وهو أحد ملوك حمير .

وكان مؤمنا ، وقومه كانوا كافرين فأهلكهم الله . وإليه ينسب الأنصار ، ولفظ { تُبَّعٍ } يعد لقبا لكل ملك من ملوك اليمن ، كما أن لقب فرون يعد لقبا لمن ملك مصر كافرا . .

أى : إن هؤلاء الكافرين المعاصرين لك - أيها الرسول الكريم - ليسوا خيرا من قوم تبع ، الذين كانوا أشد منهم قوة وأكثر جمعا ، فلما لجوا فى طغيانهم أهلكهم الله - تعالى - وإن مصير هؤلاء المشركين - إذا ما استمروا فى عنادهم - سيكون كمصير قوم تبع . .

فالمقصود من الآية الكريمة تحذير الكافرين من التمادى فى الضلال ، لأن هذا التمادى سيؤدى بهم إلى الخسران ، كما هو حال قوم تبع الذين لا يخفى أمرهم عليهم .

والمراد بمن قبلهم فى قوله - تعالى - : { والذين مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } : الأقوام السابقون على قوم تبع ، كقوم عاد وثمود وغيرهم . أو على هؤلاء الكافرين المعاصرين للنبى - صلى الله عليه وسلم - .

أى : والذين من قبل قوم تبع أو من قبل قومك من الظالمين ، أهلكناهم لأنهم كانوا قوما مجرمين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَهُمۡ خَيۡرٌ أَمۡ قَوۡمُ تُبَّعٖ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ} (37)

وقبل أن يوجههم هنا إلى هذا التدبر في تصميم الكون ذاته ، يلمس قلوبهم لمسة عنيفة بمصرع قوم تبع والتبابعة من ملوك حمير في الجزيرة العربية . ولا بد أن القصة التي يشير إليها كانت معروفة للسامعين ، ومن ثم يشير إليها إشارة سريعة للمس قلوبهم بعنف ، وتحذيرها مصيراً كهذا المصير :

( أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين ) . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَهُمۡ خَيۡرٌ أَمۡ قَوۡمُ تُبَّعٖ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ} (37)

قوله تعالى : { أهم خير } الآية تقرير فيه وعيد ، و : { تبع } ملك حميري ، وكان يقال لكل ملك منهم : { تبع } ، إلا أن المشار إليه في هذه الآية رجل صالح من التبابعة . قال كعب الأحبار : ذم الله تعالى قومه ولم يذمه ، ونهى العلماء عن سبه ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق سهل بن سعد : أن تبعاً هذا أسلم وآمن بالله ، وروي أن ذلك كان على يد أهل كتاب كانوا بحضرته{[10242]} . وقال ابن عباس : كان { تبع } نبياً . وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ما أدري أكان { تبع } نبياً أم غير نبي ؟ »{[10243]} . وقال ابن جبير : هو الذي كسا الكعبة ، وقد ذكره ابن إسحاق في السيرة ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إنهم كانوا مجرمين } يريد بالكفر . وقرأت فرقة : «أنهم » بفتح الألف . وقرأ الجمهور بكسرها .


[10242]:أخرجه أحمد، والطبراني، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، وذكره الإمام السيوطي في الدر المنثور، ولفظه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا تسبوا تبع فإنه كان قد أسلم).
[10243]:ترجم الحافظ بن عساكر في تاريخه ترجمة حافلة لتبع، وذكر أنه ملك دمشق، ثم ساق عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ما أدري، الحدود طهارة لأهلها أم لا؟ ولا أدري تبع لعينا كان أم لا؟ ولا أدري ذو القرنين نبيا كان أم ملكا)، وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن محمد بن حماد الظهراني، عن عبد الرزاق، وقال عبد الرزاق أيضا: أخبرنا معمر عن ابن أبي ذؤيب عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما أدري تبع نبيا كان أم غير نبي).