فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَهُمۡ خَيۡرٌ أَمۡ قَوۡمُ تُبَّعٖ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ} (37)

ثم ردّ الله سبحانه عليهم بقوله : { أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ } أي أهم خير في القوّة والمنعة ، أم قوم تبع الحميري الذي دار في الدنيا بجيوشه ، وغلب أهلها وقهرهم ، وفيه وعيد شديد . وقيل : المراد بقوم تبع : جميع أتباعه لا واحد بعينه . وقال الفراء : الخطاب في قوله { فَأْتُواْ بِئَابَائِنَا } لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحده كقوله : { رَبّ ارجعون } [ المؤمنون : 99 ] ، والأولى أنه خطاب له ، ولأتباعه من المسلمين والمراد ب { الذين مِن قَبْلِهِمْ } عاد وثمود ونحوهم ، وقوله : { أهلكناهم } جملة مستأنفة لبيان حالهم ، وعاقبة أمرهم ، وجملة { إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } تعليل لإهلاكهم ، والمعنى : أن الله سبحانه قد أهلك هؤلاء بسبب كونهم مجرمين ، فإهلاكه لمن هو دونهم بسبب كونه مجرماً مع ضعفه ، وقصور قدرته بالأولى .

/خ37