مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{أَهُمۡ خَيۡرٌ أَمۡ قَوۡمُ تُبَّعٖ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ} (37)

ولما حكى الله عنهم ذلك قال : { أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين } والمعنى أن كفار مكة لم يذكروا في نفي الحشر والنشر شبهة حتى يحتاج إلى الجواب عنها ، ولكنهم أصروا على الجهل والتقليد في ذلك الإنكار ، فلهذا السبب اقتصر الله تعالى على الوعيد ، فقال إن سائر الكفار كانوا أقوى من هؤلاء ، ثم إن الله تعالى أهلكهم فكذلك يهلك هؤلاء ، فقوله تعالى : { أهم خير أم قوم تبع } استفهام على سبيل الإنكار ، قال أبو عبيدة : ملوك اليمن كان كل واحد منهم يسمى تبعا لأن أهل الدنيا كانوا يتبعونه ، وموضع تبع في الجاهلية موضع الخليفة في الإسلام وهم الأعاظم من ملوك العرب قالت عائشة ، كان تبع رجلا صالحا ، وقال كعب : ذم الله قومه ولم يذمه ، قال الكلبي هو أبو كرب أسعد ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم ما أدري أكان تبع نبيا أو غير نبي » فإن قيل ما معنى قوله { أهم خير أم قوم تبع } مع أنه لا خير في الفريقين ؟ قلنا معناه أهم خير في القوة والشوكة ، كقوله { أكفاركم خير من أولئكم } بعد ذكر آل فرعون .