الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَهُمۡ خَيۡرٌ أَمۡ قَوۡمُ تُبَّعٖ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ} (37)

وقوله سبحانه : { أهمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ } الآية ، آيةُ تقريرٍ ووعيدٍ ، و{ تُبَّعٍ } : مَلِكٌ حِمْيَرِيٌّ ، وكان يقال لكل ملك منهم : «تُبَّع » إلاَّ أَنَّ المُشَارَ إليه في هذه الآية رَجُلٌ صالحٌ ؛ رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من طريق سَهْلِ بنِ سَعْدٍ «أَنَّ تُبَّعاً هَذَا أَسْلَمَ وَآمَنَ بِاللَّهِ » ، وقد ذكره ابن إسْحَاقَ في السيرة ، قال السُّهَيْلِيُّ : وبَعْدَ ما غزا تُبَّعٌ المدينة ، وأراد خَرَابَهَا أُخْبِرَ بِأَنَّها مُهَاجَرُ نَبِيٍّ اسمه أَحْمَدُ ، فانصرف عَنْهَا ، وقال فيه شعراً وأودعه عند أهلها ، فكانوا يتوارثونه كابراً عن كابر ، إلى أَنْ هاجر إليهم النبي عليه السلام فَأَدَّوْهُ إليه ، ويقال : إنَّ الكتاب والشعر كانا عند أبي أيوبَ الأنصاريِّ ومنه :

شَهِدتُّ على أَحْمَدٍ أَنَّهُ *** رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ بَارِي النَّسَمْ

فَلَوْ مُدَّ عُمْرِي إلى عُمْرِهِ *** لَكُنْتُ وَزِيراً لَهُ وابن عَمّ

وذكر الزَّجَّاجُ ، وابن أبي الدنيا : أَنَّه حُفِرَ قَبْرٌ بصنعاء في الإِسلام ، فَوُجِدَ فيه امرأتانِ صحيحتان ، وعند رأسهما لَوْحٌ من فِضَّةٍ مكتوبٌ فيه بالذَّهَبِ : هذا قَبْرُ حبى ولَمِيسَ ، ويروى : وتُماضِرَ ابنتي تُبَّعٍ ، ماتتا وهما تَشْهَدَانِ أَنْ لاَ إله إلاَّ اللَّه ، ولا تُشْرِكَانِ به شَيْئاً ، وعلى ذلك مَاتَ الصَّالِحُونَ قَبْلَهُمَا ، انتهى .