الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{أَهُمۡ خَيۡرٌ أَمۡ قَوۡمُ تُبَّعٖ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ} (37)

أخرج الطبراني وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تسبوا تبعاً فإنه قد أسلم » .

وأخرج أحمد والطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تسبوا تبعاً فإنه كان قد أسلم » .

وأخرج ابن عساكر ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا يشتبهن عليكم أمر تبع فإنه كان مسلماً .

وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا تقولوا لتبع إلا خيراً ، فإنه قد حج البيت وآمن بما جاء به عيسى بن مريم .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير ، عن كعب رضي الله عنه قال : إن تبعاً نعت الرجل الصالح ، ذم الله قومه ولم يذمه . قال : وكانت عائشة رضي الله عنها تقول : لا تسبوا تبعاً فإنه كان رجلاً صالحاً .

وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان تبع رجلاً صالحاً ، ألا ترى أن الله ذم قومه ولم يذمه !

وأخرج ابن عساكر عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه قال : لا تسبوا تبعاً ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن سبه .

وأخرج ابن المنذر وابن عساكر ، عن وهب بن منبه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب أسعد وهو تبع . قيل : وما كان أسعد ؟ قال : كان على دين إبراهيم وكان إبراهيم يصلي كل يوم صلاة ولم تكن شريعة .

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تسبوا أسعد الحميري وقال : هو أوّل من كسا الكعبة » .

وأخرج ابن المنذر وابن عساكر ، عن سعيد بن جبير قال : إن تبعاً كسا البيت .

وأخرج ابن عساكر ، عن سعيد بن عبد العزيز قال : كان تبع إذا عرض الخيل قاموا صفاً من دمشق إلى صنعاء اليمن .

وأخرج ابن المنذر وابن عساكر ، عن ابن عباس قال : سألت كعباً عن تبع فإني أسمع الله يذكر في القرآن قوم تبع ولا يذكر تبعاً ؟ فقال : إن تبعاً كان رجلاً من أهل اليمن ملكاً منصوراً ، فسار بالجيوش حتى انتهى إلى سمرقند ، رجع فأخذ طريق الشام ، فأسر بها أحباراً ، فانطلق بهم نحو اليمن - حتى إذا دنا من ملكه طار في الناس أنه هادم الكعبة ، فقال له الأحبار : ما هذا الذي تحدث به نفسك ، فإن هذا البيت لله وإنك لن تُسَلَّط عليه ، فقال : إن هذا لله وأنا أحق من حرمه ، فأسلم من مكانه وأحرم فدخلها محرماً ، فقضى نسكه ثم انصرف نحو اليمن راجعاً حتى قدم على قومه ، فدخل عليه أشرافهم فقالوا : يا تبع ، أنت سيدنا وابن سيدنا خرجت من عندنا على دين وجئت على غيره ، فاختر منا أحد أمرين ؛ إما أن تخلينا وملكنا وتعبد ما شئت ، وإما أن تذر دينك الذي أحدثت - وبينهم يومئذ نار تنزل من السماء - فقال الأحبار عند ذلك : اجعل بينك وبينهم النار ، فتواعد القوم عند ذلك جميعاً على أن يجعلوا بينهم النار ، فجيء بالأحبار وكتبهم ، وجيء بالأصنام وعمارها وقدموا جميعاً إلى النار ، وقامت الرجال خلفهم بالسيوف ، فهدرت النار هدير الرعد ورمت شعاعاً لها ، فنكص أصحاب الأصنام ، وأقبلت النار فأحرقت الأصنام وعمالها ، وسلم الآخرون ، فأسلم قوم واستسلم قوم ، فلبثوا بعد ذلك عمر تبع ، حتى إذا نزل بتبع الموت استخلف أخاه وهلك ، فقتلوا أخاه وكفروا صفقة واحدة .

وأخرج ابن سعد وابن عساكر ، عن أبيّ بن كعب قال : لما قدم تبع المدينة ونزل بفناه بعث إلى أحبار يهود فقال : إني مخرب هذا البلد حتى لا تقوم به يهودية ويرجع الأمر إلى دين العرب . فقال له شابور اليهودي . - وهو يومئذ أعلمهم - أيها الملك ، إن هذا بلد يكون إليه مهاجر نبي من بني إسماعيل ، مولده بمكة اسمه أحمد وهذه دار هجرته إن منزلك هذا الذي نزلت به ، يكون من القتال والجراح أمر كثير في أصحابه وفي عدوهم . قال تبع : ومن يقاتله يومئذ وهو نبي كما تزعم ؟ قال : يسير إليه قومه ؛ فيقتتلون ههنا . قال : فأين قبره ؟ قال : بهذا البلد . قال : فإذا قوتل لمن تكون الدبرة ؟ قال : تكون عليه مرة وله مرة ، وبهذا المكان الذي أنت به يكون عليه ، ويقتل به أصحابه مقتلة عظيمة لم تقتل في موطن ، ثم تكون العاقبة له ويظهر ، فلا ينازعه هذا الأمر أحد . قال : وما صفته ؟ قال : رجل ليس بالقصير ولا بالطويل ، في عينيه حمرة يركب البعير ويلبس الشملة ، سيفه على عاقته ، ولا يبالي من لاقى حتى يظهر أمره . فقال تبع : ما إلى هذا البلد من سبيل وما كان ليكون خرابها على يدي ، فرجع تبع منصرفاً إلى اليمن .

وأخرج ابن عساكر عن عباد بن زياد المري عمن أدرك [ ] قال : أقبل تبع يفتتح المدائن ويعمل العرب حتى نزل المدينة ، وأهلها يومئذ يهود ، فظهر على أهلها ، وجمع أحبار اليهود فأخبروه أنه سيخرج نبيّ بمكة يكون قراره بهذا البلد اسمه أحمد ، وأخبروه أنه لا يدركه ، فقال تبع للأوس والخزرج : أقيموا بهذا البلد ؛ فإن خرج فيكم ، فآزروه وصدقوه ، وإن لم يخرج ، فأوصوا بذلك أولادكم وقال في شعره :

حدثت أن رسول المليك *** يخرج حقّاً بأرض الحرم

ولو مدّ دهري إلى دهره *** لكنت وزيراً له وابن عم

وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن عبد الله بن سلام قال : لم يمت تبع حتى صدق بالنبي صلى الله عليه وسلم لما كان يهود يثرب يخبرونه .

وأخرج ابن عساكر عن ابن إسحاق قال : أري تبع في منامه أن يكسو البيت فكساه الخصف ، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه العافر ، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الوصائل ، وصائل اليمن ، فكان تبع فيما ذكر لي أول من كساه ، وأوصى بها ولاته من جرهم ، وأمر بتطهيره وجعل له باباً ومفتاحاً .