{ وقالوا آمَنَّا بِهِ } أى : وقال هؤلاء الكافرون عندما رأوا العذاب المعد لهم فى الآخرة : آمنا بالله - تعالى - وبأنه هو الواحد الفرد الصمد ، الذى لا معبود بحق سواه ، وآمنا بهذا الدين الذى جاءنا به رسوله صلى الله عليه وسلم .
وقوله - سبحانه - : { وأنى لَهُمُ التناوش مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } بيان لعدم انتفاعهم بما قالوه من إظهار الإِيمان فى هذا الوقت .
والتناوش : التناول . يقال : فلا ناشٍ الشئ ينوشه نوشا إذا تناوله . ومنه قولهم : تناشوا بالرماح ، أى : تناول بعضهم بعضاً بها .
أى : لقد قالوا بعد البعث آمنا بهذا الدين ، ومن أين لهم فى الآخرة تناول الإِيمان والتوبة من الكفر ، وكان ذلك قريباً منهم فى الدنيا فضيعوه ، وكيف يظفرون به فى الآخرة وهى بعيدة عن دار الدنيا التى هى محل قبول الإِيمان .
فالجملة الكريمة تمثيل لحالهم فى طلب الخلاص بعد أن فات أوانه ، وأن هذا الطلب فى نهاية الاستبعاد كما يدل عليه لفظ { أنى } .
قال صاحب الكشاف : والتناوش والتناول أخوان . إلا أن التناوش تناول سهل لشئ قريب . .
وهذا تمثيل لطلبهم ما لا يكون ، وهو أني نفعهم إيمانهم فى هذا الوقت ، كما يفنع المؤمنين إيمانهم فى الدنيا . مثلت حالهم بحال من يريد أن يتناول الشئ من غلوة - أى : من كان بعيد - ، كما يتناوله الآخر من قيس ذراع تناولا سهلا لا تعب فيه . .
{ وقالوا آمنا به } بمحمد عليه الصلاة والسلام ، وقد مر ذكره في قوله : { ما بصاحبكم } . { وأنى لهم التناوش } ومن أين لهم أن يتناولوا الإيمان تناولا سهلا . { من مكان بعيد } فإنه في حيز التكليف وقد بعد عنهم ، وهو تمثيل لحالهم في الاستخلاص بالإيمان بعدما فات عنهم أوانه وبعد عنهم ، بحال من يريد أن يتناول الشيء من غلوة تناوله من ذراع في الاستحالة ، وقرأ أبو عمرو والكوفيون غير حفص بالهمز على قلب الواو لضمتها . أو أنه من نأشت الشيء إذا طلبته قال رؤبة :
أقحمني جار أبي الجاموش *** إليك نأش القدر التؤوش
أو من نأشت إذا تأخرت ومنه قوله :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.