محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَقَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِهِۦ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانِۭ بَعِيدٖ} (52)

{ وقالوا آمنا به } أي بمحمد صلى الله عليه وسلم ، أو القرآن { وأنّى لهم التناوش من مكان بعيد } أي : ومن أين لهم تناول الإيمان وقد بعدوا عن محل قبوله منهم ، لأنهم صاروا إلى الدار الآخرة ، وهي دار الجزاء ، لا دار الابتلاء . أو : لأنهم آمنوا بلسانهم ولم يدخل الإيمان قلوبهم ، أي ( على تفسير { إذ فزعوا } بظهور الحق عليهم في حياتهم . اه منه ) قال الزمخشري : التناوش والتناول ، أخوان . إلا أن التناوش ، تناول سهل لشيء قريب . / يقال : ناشه ينوشه ، وتناوشه القوم . ويقال تناوشوا في الحرب .

ناش بعضهم بعضا . وهذا تمثيل لطلبهم ما لا يكون . وهو أن ينفعهم إيمانهم في ذلك الوقت ، كما ينفع المؤمنين إيمانهم في الدنيا . مثلت حالهم بحال من يريد أن يتناول الشيء من غلوة ، كما يتناوله الأخر من قيس ذراع ، تناولا سهلا لا تعب فيه . انتهى . أي ففيه استعارة تمثيلية . شبه إيمانهم حيث لا يقبل ، بمن كان عنده شيء يمكن أخده . فلما بعد عنه فرسخا ، مد يده لتناوله .