إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَقَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِهِۦ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانِۭ بَعِيدٖ} (52)

{ وَقَالُواْ آمَنَّا بِهِ } أي بمحمَّدٍ عليه الصَّلاة والسَّلام وقد مرَّ ذكرُه في قوله تعالى ما بصاحِبكم . { وأنى لَهُمُ التناوش } التَّناوشُ التَّناولُ السَّهلُ أي ومِن أينَ لهم أنْ يتناولُوا الإيمانَ تناولاً سهلاً { مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ } فإنَّه في حيِّزِ التكليف وهُم منه بمعزلٍ بعيدٍ وهو تمثيلُ حالِهم في الاستخلاصِ بالإيمانِ بعد ما فاتَ عنهم وبعُد بحالِ مَنْ يُريدُ أنْ يتناولَ الشَّيءَ من غَلْوةٍ تناوله من ذراعٍ في الاستحالة . وقرئ بالهمزِ على قلبِ الواوِ لضمِّها وهو من نأشتُ الشَّيءَ إذا طلبتُه ، وعن أبي عمرو : التَّناؤشُ بالهمزِ التَّناولُ من بُعدٍ من قولِهم نأشتُ إذا أبطأتَ وتأخَّرتَ ومنه قولُ مَن قالَ : [ الطويل ]

تمنَّى نَئيشا أنْ يكون أطاعنِي *** وقد حدثتْ بعدَ الأمرِ أمورُ{[676]}


[676]:وهو لنهشل بن حري في ديوانه (ص 95)؛ ولسان العرب (6/349) (نأش) وتاج العروس (17/396) (نأش) وبلا نسبة في تهذيب اللغة (11/417)؛ وأساس البلاغة (مأش). وقد ورد في المعجم المفصل وعجزه: ويحدث من بعد الأمور أمور.