فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقَالُوٓاْ ءَامَنَّا بِهِۦ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانِۭ بَعِيدٖ} (52)

{ وَقَالُواْ ءامَنَّا بِهِ } أي بمحمد ، قاله قتادة ، أو بالقرآن . وقال مجاهد : بالله عزّ وجلّ . وقال الحسن : بالبعث { وأنى لَهُمُ التناوش } التناوش التناول ، وهو تفاعل من التناوش الذي هو التناول ، والمعنى : كيف لهم أن يتناولوا الإيمان من بعد ، يعني : في الآخرة ، وقد تركوه في الدنيا ، وهو معنى { مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ } وهو تمثيل لحالهم في طلب الخلاص بعد ما فات عنهم . قال ابن السكيت : يقال للرجل إذا تناول رجلاً ليأخذ برأسه ، أو بلحيته ناشه ينوشه نوشاً ، وأنشد :

فهي تنوش الحوض نوشاً من علا *** نوشاً به تقطع أحواز الفلا

أي تناول ماء الحوض من فوق ، ومنه المناوشة في القتال ، وقيل : التناوش الرجعة ، أي وأنى لهم الرجعة إلى الدنيا ليؤمنوا ، ومنه قول الشاعر :

تمنى أن تئوب إليّ مي *** وليس إلى تناوشها سبيل

/خ54