التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ أَيُّ شَيۡءٍ أَكۡبَرُ شَهَٰدَةٗۖ قُلِ ٱللَّهُۖ شَهِيدُۢ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ لِأُنذِرَكُم بِهِۦ وَمَنۢ بَلَغَۚ أَئِنَّكُمۡ لَتَشۡهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخۡرَىٰۚ قُل لَّآ أَشۡهَدُۚ قُلۡ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ وَإِنَّنِي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ} (19)

ثم أمر الله : نبيه صلى الله عليه وسلم : فى بيان رائع حكيم ، أن يسأل المشركين عن أى شىء فى هذا الكون أعظم وأزكى شهادة بحيث تقبل شهادته ولا ترد فقال - تعالى - : { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ الله شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ } .

روى بعض المفسرين أن أهل مكة قالوا : يا محمد ، أرنا من يشهد أنك رسول الله ، فإنا لا نرى أحدا نصدقه ، ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أنه ليس لك عندهم ذكر ، فأنزل الله - تعالى - : { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ الله شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ } .

أى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يخاصمونك فيما تدعو إليه : أى شىء فى هذا الوجود شهادته أكبر شهادة وأعظمها بحيث تقبلونها عن تسليم وإذعان ؟ ثم أمره أن يجيبهم على هذا السؤال بالحقيقة التى لا يمارى فيها عاقل وهى أن شهادة الله هى أكبر شهادة وأقواها وأزكاها ، لأنها شهادة من يستحيل عليه الكذب أو الخطأ ، وقد شهد - سبحانه - : بصدقى فيما أبلغه عنه فلماذا تعرضون عن دعوتى ، وتتنكبون الطريق المستقيم ؟

وصدرت الآية الكريمة بقل وبصيغة الاستفهام تنبيهاً إلى جلال الشاهد ، وإلى سلامة دعوى النبى صلى الله عليه وسلم لكى يدركوا ما فيها من حق وما هم فيه من ضلال .

وأوثرت كلمة " شىء " فى قوله - تعالى - : { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً } لأنها تفيد الشمول والإحاطة والاستقصاء .

قال صاحب الكشاف : ما ملخصه قوله - تعالى - : { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ الله شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ } أراد : أى شهيد أكبر شهادة ، فوضع شيئاً مقام شهيد ليبالغ فى التعميم ، ويحتمل أن يكون تمام الجواب عنه قوله : { قُلِ الله } بمعنى : الله أكبر شهادة ، ثم ابتدأ . { شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ } أى : هو شهيد بينى وبينكم . وأن يكون { الله شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ } هو الجواب ، لدلالته على أن الله - تعالى - : { إذا كان هو الشهيد بينه وبينهم فأكبر شىء شهادة من هو شهيد له ) .

والمراد بشهادة الله ما جاء فى آياته القرآنية من أنه - سبحانه - : قد أرسل رسوله محمدا { بالهدى وَدِينِ الحق لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ } ثم بين - سبحانه - : أن القرآن هو المعجزة الخالدة للنبى صلى الله عليه وسلم فقال : { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذا القرآن لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ } .

أى : أن الله - تعالى - : قد أنزل هذا القرآن عن طريق وحيه الصادق ، لأنذركم به يا أهل مكة ، ولأنذر به - أيضاً - جميع من بلغه هذا الكتاب الكريم ووصلت إليه دعوته من العرب والعجم فى كل زمان ومكان إلى يوم القيامة .

فهذه الجملة تدل على عموم بعثة النبى صلى الله عليه وسلم كما تدل على أن أحكام القرآن تعم الموجودين وقت نزوله ، وتعم - أيضاً - الذين وجدوا بعد نزوله وبلغتهم دعوته . ولم يروا النبى صلى الله عليه وسلم ففى الحديث الشريف :

" بلغوا عن الله - تعالى - فمن بلغته آية من كتاب الله فقد بلغه أمر الله " .

وعن محمد بن كعب قال : " من بلغه القرآن فكأنما رأى النبى صلى اله عليه وسلم وذلك لأن القرآن الكريم لما كان متواترا بلفظه ومعناه ، كان من بلغه فعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم : كأنما سمعه منه وإن كثرت الوسائط ، لأنه هو الذى بلغه بلا زيادة ولا نقصان ، أما من لم تبلغه دعوة القرآن فلا يصدق عليه أنه بلغته الدعوة ، وحينئذ لا يكون مخاطبا بتعاليم هذا الدين ، وإثمه يكون فى أعناق الذين قصروا فى تبليغ دعوة الإسلام إليه .

ثم أمره - سبحانه - أن يستنكر ما عليه المشركون من كفر وإلحاد ، وأن يعلن براءته منهم ومن معبوداتهم فقال - تعالى - : { أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ الله آلِهَةً أخرى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إله وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } .

أى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين : إذا كنتم قد ألغيتم عقولكم . وترديتم فى مهاوى الشرك والضلال ، وشهدتم بأن مع الله آلهة أخرى ، فإنى برىء منكم ومن أعمالكم القبيحة ، ومحال أن أشهد بما شهدتم به ، وإنما الذى أشهد به وأعتقده ، أن الله - تعالى - واحد لا شريك له ، وإننى بعيد كل البعد عن ضلالكم وجحودكم .

والاستفهام فى قوله { أَئِنَّكُمْ } إنكارى ، جىء به لاستقباح ما وقع منهم من شرك ، وأكد قوله { لَتَشْهَدُونَ } للإشارة إلى تغلغل الضلال فى نفوسهم ، واستيلاء الجحود على قلوبهم .

وعبر عن أوثانهم بأنها { آلِهَةً أخرى } مجاراة لهم فى زعمهم الباطل ومبالغة فى توبيخهم والتهكم بهم .

وفى أمره - سبحانه - لنبيه صلى الله عليه وسلم بأن يصارحهم بأنه لا يشهد بشهادتهم " قل : لا أشهد " توبيخ لهم على جهالتهم ، وتوجيه لأتباعه إلى الافتداء به فى شجاعته أمام الباطل ، وفى ثباته على مبدئه .

وقد تضمن قوله - تعالى - : { قُلْ إِنَّمَا هُوَ إله وَاحِدٌ } اعتراف كامل بوحدانية الله ، وقصرها عليه - سبحانه - ، وتصريح بالبراءة التامة من الأوثان وعابديها ، وتنديد شديد بهذا العمل الباطل .

وبذلك تكون الآية الكريمة قد تضمنت شهادة من الله - تعالى - بأن رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم صادق فى رسالته ، وشهادة من هذا الرسول الكريم بأن الله واحد لا شريك له ، وأنه برىء من إلحاد الملحدين وكفر الكافرين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ أَيُّ شَيۡءٍ أَكۡبَرُ شَهَٰدَةٗۖ قُلِ ٱللَّهُۖ شَهِيدُۢ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ لِأُنذِرَكُم بِهِۦ وَمَنۢ بَلَغَۚ أَئِنَّكُمۡ لَتَشۡهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخۡرَىٰۚ قُل لَّآ أَشۡهَدُۚ قُلۡ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ وَإِنَّنِي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ} (19)

12

وأخيرا تجيء قمة المد في هذه الموجة ؛ ويجيء الإيقاع المدوي العميق ؛ في موقف الإشهاد والإنذار والمفاصلة والتبرؤ من المشاركة في الشرك . . كل ذلك في رنة عالية ، وفي حسم رهيب :

( قل : أي شيء أكبر شهادة ؟ قل الله . شهيد بيني وبينكم ، وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ، أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى ؟ قل : لا أشهد ، قل : إنما هو إله واحد ، وإنني بريء مما تشركون ) . .

إن تتابع المقاطع والإيقاعات في الآية الواحدة عجيب ؛ وإن هذا التتابع ليرسم الموقف لحظة لحظة ، ومشهدا مشهدا ، ويكاد ينطق بملامح الوجوه فيه وخلجات الصدور . .

فها هو ذا رسول الله [ ص ] يؤمر من ربه هذا الأمر . . ثم ها هو ذا يواجه المشركين الذين يتخذون من دون الله أولياء ؛ يجعلون لهم بعض خصائص الألوهية مع الله ؛ ويدعون رسول الله [ ص ] أن يقرهم على هذا الذي هم فيه ليدخلوا هم فيما جاءهم به ! كأن ذلك يمكن أن يكون ! وكأنه يمكن أن يجتمع الإسلام والشرك في قلب واحد على هذا النحو الذي كانوا يتصورونه ؛ والذي لا يزال يتصوره ناس في هذا الزمان ، من أنه يمكن أن يكون الإنسان مسلما لله ؛ بينما هو يتلقى من غير الله في شؤون الحياة ؛ وبينما هو يخضع لغير الله ويستنصر بغير الله ، ويتولى غير الله !

ها هو ذا رسول الله [ ص ] يواجه هؤلاء المشركين ؛ ليبين لهم مفرق الطريق بين دينه ودينهم ، وبين توحيده وشركهم ، وبين إسلامه وجاهليتهم . وليقرر لهم : أنه لا موضع للقاء بينه وبينهم ، إلا أن يتخلصوا هم من دينهم ويدخلوا في دينه . وأنه لا وجه للمصالحة في هذا الأمر ؛ لأنه يفترق معهم في أول الطريق !

وها هو ذا يبدأ معهم مشهد الإشهاد العلني المفتوح المكشوف :

( قل : أي شيء أكبر شهادة ؟ ) . .

أي شاهد في هذا الوجود كله هو أكبر شهادة ؟ أي شاهد تعلو شهادته كل شهادة ؟ أي شاهد تحسم شهادته في القضية فلا يبقى بعد شهادته شهادة ؟

وللتعميم المطلق ، حتى لا يبقى في الوجود كله ( شيء ) لا يستقصى وزنه في مقام الشهادة : يكون السؤال : ( أي شيء أكبر شهادة ؟ ) .

وكما يؤمر رسول الله [ ص ] بالسؤال ، فهو يؤمر كذلك بالجواب . ذلك أنه لا جواب غيره باعتراف المخاطبين أنفسهم . ولا جواب غيره في حقيقة الأمر والواقع :

ل : الله . .

نعم ! فالله - سبحانه وتعالى - هو أكبر شهادة . . هو الذي يقص الحق وهو خير الفاصلين . . هو الذي لا شهادة بعد شهادته ، ولا قول بعد قوله . فإذا قال فقد انتهى القول ، وقد قضي الأمر .

فإذا أعلن هذه الحقيقة : حقيقة أن الله سبحانه هو أكبر شهادة ، أعلن لهم أنه - سبحانه - هو الشهيد بينه وبينهم في القضية :

( شهيد بيني وبينكم ) . .

على تقدير : هو شهيد بيني وبينكم - فهذا التقطيع في العبارة هو الأنسب في جو المشهد : وهو أولى من الوصل على تقدير : ( قل الله شهيد بيني وبينكم ) .

فإذا تقرر المبدأ : مبدأ تحكيم الله سبحانه في القضية ، أعلن إليهم أن شهادة الله سبحانه ، تضمنها هذا القرآن ، الذي أوحاه إليه لينذرهم به ؛ وينذر به كل من يبلغه في حياته [ ص ] أو من بعد . فهو حجة عليهم وعلى من يبلغه غيرهم ؛ لأنه يتضمن شهادة الله في هذه القضية الأساسية ؛ التي تقوم عليها الدنيا والآخرة ، ويقوم عليها الوجود كله والوجود الإنساني ضمنا :

( وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ) . .

فكل من بلغه هذا القرآن من الناس ، بلغة يفهمها ، ويحصل منها محتواه ، فقد قامت عليه الحجة به ، وبلغه الإنذار ، وحق عليه العذاب ، إن كذب بعد البلاغ . . [ فأما من يحول عدم فهمه للغة القرآن دون فهمه لفحواه ، فلا تقوم عليه الحجة به ؛ ويبقى إثمه على أهل هذا الدين الذين لم يبلغوه بلغته التي يفهم بها مضمون هذا الشهادة . . هذا إذا كان مضمون القرآن لم يترجم إلى لغته ] . .

فإذا أعلن إليهم أن شهادة الله - سبحانه - متضمنة في هذا القرآن ، أعلن إليهم مضمون هذه الشهادة في صورة التحدي والاستنكار لشهادتهم هم ، المختلفة في أساسها عن شهادة الله سبحانه . وعالنهم بأنه ينكر شهادتهم هذه ويرفضها ؛ وأنه يعلن غيرها ويقرر عكسها ويشهد لربه بالوحدانية المطلقة والألوهية المتفردة ؛ وأنه يفاصلهم على هذا عند مفرق الطريق ؛ وأنه يتبرأ من شركهم في صيغة التشديد والتوكيد :

( أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى ؟ قل : لا أشهد ، قل : إنما هو إله واحد ، وإنني بريء مما تشركون ) . .

والنصوص القرآنية بمقاطعها هذه ، وبإيقاعاتها هذه ، تهز القلوب بما لا يملك البيان البشري أن يفعل فلا أريد أن أوقف تدفقها وانسكابها في القلب بأي تعليق .

تعقيب على الوحدة - الولاء والتوحيد والمفاصلة

ولكني أريد أن أتحدث عن القضية التي تضمنها هذا المقطع ، وجرت بها هذه الموجة . . إن هذه القضية التي عرضها السياق القرآني في هذه الآيات . . قضية الولاء والتوحيد والمفاصلة . . هي قضية هذه العقيدة ؛ وهي الحقيقية الكبرى فيها . وان العصبة المؤمنة اليوم لخليقة بأن تقف أمام هذا الدرس الرباني فيها وقفة طويلة . .

إن هذه العصبة تواجه اليوم من الجاهلية الشاملة في الأرض ، نفس ما كانت تواجهه العصبة التي تنزلت عليها هذه الآيات ، لتحدد على ضوئها موقفها ، ولتسير على هذا الضوء في طريقها ؛ وتحتاج - من ثم - أن تقف وقفة طويلة أمام هذه الآيات ، لترسم طريقها على هداها .

لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية ؛ وعادت البشرية إلى مثل الموقف الذي كانت فيه يوم تنزل هذا القرآن على رسول الله [ ص ] ويوم جاءها الإسلام مبينا على قاعدته الكبرى : " شهادة أن لا إله إلا الله " . . شهادة أن لا إله إلا الله بمعناها الذي عبر عنه ربعي بن عامر رسول قائد المسلمين إلى رستم قائد الفرس ، وهو يسأله : " ما الذي جاء بكم ؟ " فيقول : " الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام " . .

وهو يعلم أن رستم وقومه لا يعبدون كسرى بوصفه إلها خالقا للكون ؛ ولا يقدمون له شعائر العبادة المعروفة ؛ ولكنهم إنما يتلقون منه الشرائع ، فيعبدونه بهذا المعنى الذي يناقض الإسلام وينفيه ؛ فأخبره أن الله ابتعثهم ليخرجوا الناس من الأنظمة والأوضاع التي يعبد العباد فيها العباد ، ويقرون لهم بخصائص الألوهية - وهي الحاكمية والتشريع والخضوع لهذه الحاكمية والطاعة لهذا التشريع - [ وهي الأديان ] . . إلى عبادة الله وحده وإلى عدل الإسلام .

لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله . فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد ، وإلى جور الأديان ؛ ونكصت عن لا إله إلا الله ، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن : " لا إله إلا الله " ؛ دون أن يدرك مدلولها ، ودون أن يعني هذا المدلول وهو يرددها ، ودون أن يرفض شرعية " الحاكمية " التي يدعيها العباد لأنفسهم - وهي مرادف الألوهية - سواء ادعوها كأفراد ، أو كتشكيلات تشريعية ، أو كشعوب . فالأفراد ، كالتشكيلات ، كالشعوب ، ليست آلهة ، فليس لها إذن حق الحاكمية . . إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية ، وارتدت عن لا إله إلا الله . فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية . ولم تعد توحد الله ، وتخلص له الولاء . .

البشرية بجملتها ، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات : " لا إله إلا الله " بلا مدلول ولا واقع . . وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة ، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد - من بعدما تبين لهم الهدى - ومن بعد أن كانوا في دين الله !

فما أحوج العصبة المسلمة اليوم أن تقف طويلا أمام هذه الآيات البينات !

ما أحوجها أن تقف أمام آية الولاء :

( قل : أغبر الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض ، وهو يطعم ولا يطعم ؟ قل : إني أمرت أن أكون أول من أسلم ، ولا تكونن من المشركين ) . .

ذلك لتعلم أن اتخاذ غير الله وليا - بكل معاني " الولي " . . وهي الخضوع والطاعة ، والاستنصار والاستعانة . . يتعارض مع الإسلام ، لأنه هو الشرك الذي جاء الإسلام ليخرج منه الناس . . ولتعلم أن أول ما يتمثل فيه الولاء لغير الله هو تقبل حاكمية غير الله في الضمير أو في الحياة . . الأمر الذي تزاوله البشرية كلها بدون استثناء . ولتعمل أنها تستهدف اليوم إخراج الناس جميعا من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ؛ وأنها تواجه جاهلية كالتي واجهها رسول الله [ ص ] والجماعة المسلمة حين تلقي هذه الآيات . .

وما أحوجها أن تستصحب في مواجهتها للجاهلية تلك الحقائق والمشاعر التي تسكبها في القلب المؤمن الآيات التالية :

( قل : إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم . من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه ، وذلك الفوز المبين . وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو ، وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير . وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير ) . .

فما أحوج من يواجه الجاهلية بطاغوتها وجبروتها ، وبإعراضها وعنادها ، وبالتوائها وكيدها ، وبفسادها وانحلالها . . ما أحوج من يواجه هذا الشر كله ، أن يستصحب في قلبه هذه الحقائق وهذا المشاعر . . مخافة المعصية والولاء لغير الله . ومخافة العذاب الرعيب الذي يترقب العصاة . . واليقين بأن الضار والنافع هو الله . وأن الله هو القاهر فوق عباده فلا معقب على حكمه ولا راد لما قضاه . إن قلبا لا يستصحب هذه الحقائق وهذه المشاعر لن يقوى على تكاليف " إنشاء " الإسلام من جديد في وجه الجاهلية الطاغية . . وهي تكاليف هائلة تنوء بها الجبال !

ثم ما أحوج العصبة المؤمنة - بعد أن تستيقن حقيقة مهمتها في الأرض اليوم ؛ وبعد أن تستوضح حقيقة العقيدة التي تدعو إليها ومقتضياتها من إفراد الله سبحانه بالولاء بكل مدلولاته ؛ وبعد أن تستصحب معها في مهمتها الشاقة تلك الحقائق والمشاعر . ما أحوجها بعد ذلك كله إلى موقف الإشهاد والقطع والمفاصلة والتبرؤ من الشرك الذي تزاوله الجاهلية البشرية اليوم كما كانت تزاوله جاهلية البشرية الأولى . وأن تقول ما أمر رسول الله [ ص ] أن يقوله ؛ وأن تقذف في وجه الجاهلية ، بما قذف به في وجهها الرسول الكريم ، تنفيذا لأمر به العظيم :

( قل : أي شيء أكبر شهادة ؟ قل : الله ، شهيد بيني وبينكم ، وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ . أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى ؟ قل : لا أشهد . قل : إنما هو إله واحد ، وإنني بريء مما تشركون ) . .

إنه لا بد أن تقف العصبة المسلمة في الأرض ، من الجاهلية التي تغمر الأرض ، هذا الموقف . لا بد أن تقذف في وجهها بكلمة الحق هذه عالية مدوية ، قاطعة فاصلة ، مزلزلة رهيبة . . ثم تتجه إلى الله تعلم أنه على كل شيء قدير ، وأنه هو القاهر فوق عباده . وأن هؤلاء العباد - بما فيهم الطواغيت المتجبرون - أضعف من الذباب ، وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ! وأنهم ليسوا بضارين من أحد إلا بإذن الله ؛ وليسوا بنافعين أحدا إلا بإذن الله ، وأن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

ولا بد أن تستيقن العصبة المسلمة كذلك أنها لن تنصر ولن يتحقق لها وعد الله بالتكمين في الأرض ، قبل أن تفاصل الجاهلية على الحق عند مفترق الطريق . وقبل أن تعلن كلمة الحق في وجه الطاغوت ، وقبل أنتشهد على الجاهلية هذا الإشهاد ، وتنذرها هذه النذارة ، وتعلنها هذا الإعلان ، وتفاصلها هذه المفاصلة ، وتتبرأ منها هذه البراءة . .

إن هذا القرآن لم يأت لمواجهة موقف تاريخي ؛ إنما جاء منهجا مطلقا خارجا عن قيود الزمان والمكان . منهجا تتخذه الجماعة المسلمة حيثما كانت في مثل الموقف الذي تنزل فيه هذا القرآن . وهي اليوم في مثل هذا الموقف تماما ؛ وقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا القرآن لينشيء الإسلام في الأرض إنشاء . . فليكن اليقين الجازم بحقيقة هذا الدين . والشعور الواضح بحقيقة قدرة الله وقهره . والمفاصلة الحاسمة مع الباطل وأهله . . لتكن هذه عدة الجماعة المسلمة . . والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ أَيُّ شَيۡءٍ أَكۡبَرُ شَهَٰدَةٗۖ قُلِ ٱللَّهُۖ شَهِيدُۢ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ لِأُنذِرَكُم بِهِۦ وَمَنۢ بَلَغَۚ أَئِنَّكُمۡ لَتَشۡهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخۡرَىٰۚ قُل لَّآ أَشۡهَدُۚ قُلۡ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ وَإِنَّنِي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ} (19)

ثم قال : { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً } أي : من أعظم الأشياء [ شهادة ]{[10602]} { قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } أي : هو العالم بما جئتكم به ، وما أنتم قائلون لي : { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } أي : وهو نذير لكل من بلغه ، كما قال تعالى : { وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ } [ هود : 17 ] .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشَجّ ، حدثنا وكيع وأبو أسامة وأبو خالد ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب في قوله : { وَمَنْ بَلَغَ } [ قال ]{[10603]} من بلغه القرآن فكأنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم - زاد أبو خالد : وكَلّمه .

ورواه ابن جرير من طريق أبي معشر ، عن محمد بن كعب قال : من بلغه القرآن فقد أبلغه محمد صلى الله عليه وسلم .

وقال عبد الرزاق ، عن مَعْمَر ، عن قتادة في قوله : { لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " بلغوا عن الله ، فمن بلغته آية من كتاب الله فقد بَلَغه أمر الله " .

وقال الربيع بن أنس : حق على من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو كالذي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن ينذر كالذي أنذر .

وقوله : { أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ } [ أي ]{[10604]} أيها المشركون { أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ } كما قال تعالى : { فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ } [ الأنعام : 150 ] ، { قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ }


[10602]:زيادة من أ.
[10603]:زيادة من م، أ.
[10604]:زيادة من م.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ أَيُّ شَيۡءٍ أَكۡبَرُ شَهَٰدَةٗۖ قُلِ ٱللَّهُۖ شَهِيدُۢ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ لِأُنذِرَكُم بِهِۦ وَمَنۢ بَلَغَۚ أَئِنَّكُمۡ لَتَشۡهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخۡرَىٰۚ قُل لَّآ أَشۡهَدُۚ قُلۡ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ وَإِنَّنِي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ} (19)

{ أي } استفهام ، وهي معربة مع إبهامها ، وإنما كان ذلك لأنها تلتزم الإضافة ولأنها تتضمن علم جزء من المستفهم عنه غير معين ، لأنك إذا قلت أي الرجلين جاءنا فقد كنت تعلم أن أحدهما جاء غير معين فأخرجها هذان الوجهان عن غمرة الإبهام فأعربت ، وتتضمن هذه الآية أن الله عز وجل يقال عليه { شيء } كما يقال عليه موجود ، ولكن ليس كمثله تبارك وتعالى شيء{[4850]} ، و { شهادة } نصب على التمييز ويصح على المفعول بأن يحمل { أكبر } على التشبيه بالصفة المشبهة باسم الفاعل وهذه الآية مثل قوله تعالى { قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله }{[4851]} في أن استفهم على جهة التوقيف والتقدير ، ثم بادر إلى الجواب إذ لا تتصور فيه مدافعة ، وهذا كما تقول لمن تخاصمه وتتظلم منه من أقدر من في البلد ؟ ثم تبادر وتقول :السلطان فهو يحول بيننا ، ونحو هذا من الأمثلة{[4852]} ، فتقدير الآية أنه قال لهم أي شيء أكبر شهادة ؟ الله أكبر شهادة ، فهو شهيد بيني وبينكم ، ف { الله } رفع بالابتداء وخبره مضمر يدل عليه ظاهر الكلام كما قدرناه ، و { شهيد } خبر ابتداء مضمر{[4853]} .

وقال مجاهد المعنى : أن الله تعالى قال لنبيه عليه السلام : قل لهم : أي شيء أكبر شهادة ؟ وقل لهم : الله شهيد بيني وبينكم لما عيوا عن الجواب ، ف { شهيد } على هذا التأويل خبر لله وليس في هذا التأويل مبادرة من السائل إلى الجواب المراد بقوله : { شهيد ، بيني وبينكم } أي في تبليغي . وقرأت فرقة : «وأوحى إليّ هذا القرآن » على الفعل الماضي ونصب القرآن وفي «أوحى » ضمير عائد على الله تعالى من قوله { قل الله } ، وقرأت فرقة «وأوحي » على بناء الفعل للمفعول «القرآن » رفعاً ، { لأنذركم } معناه لأخوفكم به العقاب والآخرة ، { ومن } عطف على الكاف والميم في قوله : { لأنذركم } و { بلغ } معناه على قول الجمهور بلاغ القرآن ، أي لأنذركم وأنذر من بلغه ، ففي بلغ ضمير محذوف لأنه في صلة من ، فحذف لطول الكلام ، وقالت فرقة ومن بلغ الحكم ، ففي { بلغ } على هذا التأويل ضمير مقدر راجع إلى { من } ، وروي في معنى التأويل الأول أحاديث ، منها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «يا أيها الناس بلغوا عني ولو آية ، فإنه من بلغ آية من كتاب الله تعالى فقد بلغه أمر الله تعالى أخذه أو تركه »{[4854]} ، ونحو هذا من الأحاديث كقوله «من بلغه هذا القرآن فأنا نذيره »{[4855]} وقرأت فرقة «آينكم » بزيادة ألف بين الهمزة الأولى والثانية المسهلة عاملة بعد التسهيل المعاملة قبل التسهيل{[4856]} ، وقرأت فرقة «أينكم » بهمزتين الثانية مسهلة دون ألف بينهما ، وقرأت فرقة «أإنكم » استثقلت اجتماع الهمزتين فزادت ألفاً بين الهمزتين{[4857]} ، وقرأت فرقة «أنكم » بالإيجاب دون تقدير وهذه الآية مقصدها التوبيخ وتسفيه الرأي .

و { أخرى } صفة [ لآلهة ] ، وصفة جمع ما لا يعقل تجري في الإفراد مجرى الواحدة المؤنثة كقوله { مآرب أخرى }{[4858]} وكذلك مخاطبته جمع ما لا يعقل كقوله : { يا جبال أوبي معه }{[4859]} ونحو هذا ، ولما كانت هذه الآلهة حجارة وعيداناً أجريت هذا المجرى ثم أمره الله تعالى أن يعلن بالتبري من شهادتهم ، والإعلان بالتوحيد لله عز وجل والتبري من إشراكهم ، { وإنني } إيجاب ألحقت فيه النون التي تلحق الفعل لتبقى حركته عند اتصال الضمير به في قوله ضربني ونحوه ، وظاهر الآية أنها في عبدة الأصنام وذكر الطبري أنه قد ورد من وجه لم يثبت صحته أنها نزلت في قوم من اليهود ، وأسند إلى ابن عباس قال : جاء النحام بن زيد وفردم بن كعب وبحري بن عمرو ، فقالوا : يا محمد ما تعلم مع الله إلهاً غيره ؟ فقال لهم : لا إله إلا الله بذلك أمرت ، فنزلت الآية فيهم .


[4850]:- قال الزمخشري: "الشيء أعم العام لوقوعه على كل ما يصح أن يعلم ويُخبرعنه، فيقع على القديم والمحدث، والجوهر والعرض، والمحال والمستقيم، ولذلك صحّ أن يقال في الله عز وجلّ: شيء لا كالأشياء، كأنك قلت: معلوم لا كسائر المعلومات". والجمهور متفق على أنه يجوز إطلاق كلمة [شيء] على الله عز وجل إلا الجهم فقد قال: "لا يجوز أن يطلق على الله شيء لقوله تعالى: {خالق كل شيء} فيلزم من إطلاق شيء عليه أن يكون خالقا لنفسه وهو محال"، وقد ذكر أدلة أخرى تجدها في "البحر المحيط" كما تجد ردّ الجمهور عليها في صفحة (90) من المجلد الرابع.
[4851]:- من الآية (12) من سورة (الأنعام).
[4852]:- نقل أبو حيان كلام ابن عطية هذا ثم قال: "وليست هذه الآية نظير قوله: {قل لمن ما في السماوات والأرض قل الله} لأن [الله] يتعين أن يكون جوابا، وهنا لا يتعين إذ ينعقد من قوله: {قل الله شهيد بيني وبينكم} مبتدأ وخبر وهو الظاهر، وأيضا ففي هذه الآية لفظ (شيء) وقد تنوزع في إطلاقه على الله تعالى، وفي تلك الآية لفظ (مَنْ) وهو يطلق على الله تعالى.
[4853]:- قال بعض العلماء: هذا الإعراب مرجوح لأن فيه إضمارا في الآخر (حيث أضمر خبر المبتدأ)، وفي الأول (حيث أضمر المبتدأ). والإعراب الراجح هو أن قوله تعالى: {قل الله شهيد بيني وبينكم} مبتدأ وخبر، في جملة مستقلة بنفسها لا تعلق لها بما قبلها من جهة الصناعة الإعرابية، لأن قوله: {أي شيء أكبر شهادة} هو استفهام على جهة التقرير والتوقيف- ثم جاءت الجملة التالية للإخبار بأن الله خالق الأشياء. والواضح أن هذا الخلاف في الإعراب مرتبط بجواز إطلاق كلمة [شيء] على الله تعالى أو بعدم جواز ذلك. والله أعلم.
[4854]:- أخرجه الطبري بسنده إلى قتادة، وأخرجه أبو الشيخ أيضا من طريق قتادة. (تفسير الطبري، والدر المنثور). وأخرج البخاري وابن مردويه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار).
[4855]:-أخرجه ابن جرير عن يونس عن ابن زيد. (تفسير الطبري). وأخرج ابن مردويه، وأبو نعيم والخطيب- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بلغه القرآن فكأنما شافهته) (الدر المنثور).
[4856]:- اختلفت النسخ الأصلية في هذه العبارة، وقد اخترنا أوضحها دلالة على المعنى المراد وهو أن الألف الزائدة بين الهمزتين تعمل بعد تسهيل الثانية ما كانت تعمله قبل التسهيل من الفصل بين الهمزتين لتسهيل النطق لاحظ كلمة (المعاملة) في تعبير المؤلف.
[4857]:- زيادة الألف بين الهمزتين كراهة التقائهما لغة معروفة، وعليها قال ذو الرمة: أيا ظبية الوعساء بين جلاجل وبين النّقا آأنت أم أم سالم؟ والوعساء: رملة لينة، وجلاجل بفتح الجيم: موضع بعينه، وفي كتاب سيبويه: جُلاجل بضم الجيم، والنّقا: الكثيب من الرمل.
[4858]:- من الآية (18) من سورة (طه).
[4859]:- من الآية (10) من سورة (سبأ).