الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قُلۡ أَيُّ شَيۡءٍ أَكۡبَرُ شَهَٰدَةٗۖ قُلِ ٱللَّهُۖ شَهِيدُۢ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ لِأُنذِرَكُم بِهِۦ وَمَنۢ بَلَغَۚ أَئِنَّكُمۡ لَتَشۡهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخۡرَىٰۚ قُل لَّآ أَشۡهَدُۚ قُلۡ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ وَإِنَّنِي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ} (19)

قوله : { قل أي شيء أكبر شهادة } الآية [ 20 ] .

{ أي } اسم مبهم معرب ، وإنما أعرب دون سائر المبهمات لعلتين{[19320]} .

- إحداهما{[19321]} : أنه قد أُلزم الإضافة فخالف{[19322]} سائر المبهمات ، والمضاف إلأيه يحل محل التنوين فيه ، إذ لزمه ما هو عوض من التنوين ، وإذا قدر التنوين فيه{[19323]} وجب إعرابه ، لأن التنوين علامة للأمكن ، والأمكن لا يكون إلا معربا{[19324]} .

- والوجه الآخر : أنه مخالف لسائر المبهمات ، لأنه يدل{[19325]} على البعض المعيّن{[19326]} ، فإذا قلت : ( أي الرجلين أتاك ) ؟ فالذي تسأل{[19327]} عنه داخل في{[19328]} ( الرجلين ) ، وليس ذلك في ( ما ) و( من ){[19329]} .

ومعنى الآية : قل يا محمد لهؤلاء{[19330]} الذين جحدوا نبوتك : أي : شيء أعظم شهادة ؟ ، ثم أخبرهم بأن الله أعظم شهادة ممن يجوز عليه السهو والغلط والكذب والخطأ من خلقه{[19331]} . وقيل : المعنى : سلهم يا محمد : أي شيء أكبر شهادة حتى أستشهد به عليكم ؟ {[19332]} .

( و ){[19333]} قال الكلبي : قال المشركون – من أهل مكة – للنبي : من يعلم أنك رسول الله فيشهد لك ، فأنزل الله { قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم } أني رسوله ، { وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ }{[19334]} .

والله – جل ذكره – شيء بهذه الآية ، لكنه شيء لا كالأشياء { ليس كمثله شيء }{[19335]} .

وقوله : { وأوحي إلي هذا القرآن } ( أي وقل لهم : أوحي إلي هذا القرآن ){[19336]} لأنذركم به عقاب الله ، { ومن بلغ } : ( أي ){[19337]} وأنذر به من بلغه{[19338]} ذلك بعدي{[19339]} .

قال محمد بن كعب القرطبي{[19340]} : من بلغته آية فكأنما رأى الرسول{[19341]} .

قال ابن عباس : ( من بلغه هذا القرآن فهو له نذير ){[19342]} .

ف { من } في موضع نصب{[19343]} . وقيل : المعنى في { ومن بلغ } : أي : وأنذر من بلغ الحلم ، لأن{[19344]} من لم يبلغ الحلم ، فليس بمخاطب ولا متعبد{[19345]} . والقول الأول : ( إن معناه : ومن بلغه القرآن ) ، وهو أولى{[19346]} .

وقال مجاهد { ومن بلغ } أي : من أسلم{[19347]} . وقيل معناه : { لأنذركم{[19348]} به } أيها العرب { ٍومن بلغ } أي : العجم{[19349]} ، كقوله : { بعث{[19350]} في الأميين رسولا منهم }{[19351]} يعني العرب{[19352]} ، ثم قال : { وآخرين منهم }{[19353]} أي : من الذين أرسل إليهم ، يعني العجم{[19354]} .

( و ){[19355]} قوله : { أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى } : هذا على التوبيخ لهم{[19356]} . ثم قال لنبيه : قل يا محمد لا أشهد بما تشهدون ، إنما هو إله واحد ، وإنني{[19357]} بريء من إشراككم بربكم{[19358]} .

( و ){[19359]} روى ابن عباس أن طائفة{[19360]} من اليهود قالوا للنبي : يا محمد ، ما نعلم{[19361]} مع الله إلها غيره ! ، فقال رسول الله : لا إله إلا الله{[19362]} ، بذلك بُعثت وإلى ذلك أدعو ، فأنزل الله : { قل الله شهيد بيني وبينكم } إلى قوله : { فهم لا يومنون }{[19363]} .

ووقف نافع : { قل أي شيء أكبر شهادة }{[19364]} . والتمام عند الجماعة { ومن بلغ }{[19365]} .


[19320]:ب: وللعلتين.
[19321]:د: أحدهما.
[19322]:ج: بخلاف.
[19323]:(و(أيّ) منون على كل حال، في الاستفهام وغيره، فهو أقوى) الكتاب 2/410.
[19324]:ب: معرب.
[19325]:ج د: يدخل.
[19326]:(و(أيّ): مسألة ليبين لك بعض الشيء) الكتاب 4/233.
[19327]:ب : تسيل.
[19328]:ب: أي.
[19329]:انظر: المحرر 6/19، 20. وفي الكتاب 4/233: وفي الكتاب 4/233: و(أيُّ): مسألة ليبين لك بعض الشيء، وهي تجري مجرى ما في كل شيء)، وانظر: جامع الدروس العربية 1/147.
[19330]:كلها مطموسة إلا نادرا، مع بعضا الخرم.
[19331]:انظر: تفسير الطبري 11/289.
[19332]:انظر: إعراب النحاس 1/539.
[19333]:ساقطة من ب ج د.
[19334]:انظر: أسباب النزول 143.
[19335]:الشورى آية 9. انظر: المحرر 6/20.
[19336]:مستدركة في هامش أ، لكنها مخرومة.
[19337]:ساقطة من د.
[19338]:د: بلغ.
[19339]:انظر: تفسير الطبري 11/290، 292.
[19340]:مخرومة في أ. ب ج: القرطبي. د: القرطبي.
[19341]:د: رسول الله. وفي تفسير الطبري 11/291: (ومن بلغه القرآن...)، وفي القطع 303)... الرسول)، وانظر: تفسير مجاهد 320.
[19342]:تفسير الطبري 11/290.
[19343]:انظر: معاني الفراء 1/329، وتفسير الطبري 11/292. (عطف على الكاف والميم) في إعراب النحاس 1/539، وفي إعراب مكي 247.
[19344]:ب ج د: لا.
[19345]:انظر: القطع 303.
[19346]:وهو مذكور وحده في تفسير الطبري 11/290 حيث عزاه إلى قتادة والقرظي ومجاهد وابن عباس والسدي وابن زيد. والقولان معا في إعراب النحاس 1/539 من غير تحديد الأولى.
[19347]:(من العجم وغيرهم) تفسيره 320، وتفسير الطبري 11/291.
[19348]:ج: لا أنذركم.
[19349]:الظاهر من الطمس في (أ) أنها كما أثبت. ب ج د: من الفتح. وفي سند هذا القول قال الطبري في تفسيره 11/291: (حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: سمعت سفيان الثوري يحدّث، لا أعلمه إلا عن مجاهد أنه قال في قوله...).
[19350]:ج د: بعثت.
[19351]:الجمعة آية 2.
[19352]:هو قول مجاهد في تفسير الطبري 28/61، وذكره مكي ضمن تفسير (الجمعة) غير منسوب إلى قائله: انظر: مخطوط الهداية تحت رقم 218.
[19353]:الجمعة آية 3.
[19354]:هو قول مجاهد وابن جبير في تفسير الطبري 28/62، وفي الهداية: مخطوط رقم: ق 8/2: ضمن تفسير (الجمعة).
[19355]:ساقطة من ب ج د.
[19356]:انظر: المحرر 6/21، وأحكام القرطبي 6/399، 400.
[19357]:مطموسة في أ. ج: إني.
[19358]:انظر: تفسير الطبري 11/292، 293.
[19359]:ساقطة من ج د.
[19360]:ب: طافة.
[19361]:مطموسة في أ.
[19362]:ب: هو.
[19363]:وهي الآية التي نحن في رحابها والتي تليها. وانظر: تفسير الطبري 11/293 وفيه أن الذي أتى رسول الله هم: النّحام بن زيد وقردم بن كعب وبحري ابن عمير. وانظر: كذلك لباب النقول 100.
[19364]:انظر: القطع 302، وهو وقف مفهوم، وعند أبي عمرو كاف في المقصد 33.
[19365]:هو تام عند الأخفش ويعقوب، ووقف عليه رسول الله: في القطع 302، 303، وهو حسن في المقصد 33، وانظر: المكتفى 248.