التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا} (52)

ثم كرم - سبحانه - أمهات المؤمنين بعد تكريمه لنبيه صلى الله عليه وسلم فقال : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ النسآء مِن بَعْدُ . . . } .

أى : لا يحل لك ، - أيها الرسول الكريم - أن تتزوج بنساء أخريات من بعد التسع اللائى فى عصمتك اليوم ، لأنهم قد اخترنك وآثرنك على زينة الحياة الدنيا ، ورضين عن طيب نفس أن يعشن معك وتحت رعايتك ، مهما كان فى حياتك معهن من شظف العيش ، والزهد فى متع الدنيا .

وقوله : { وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } معطوف على ما قبله .

أى : لا يحل لك الزواج بعد اليوم بغير من هن فى عصمتك ، كما لا يحل لك - أيضا - أن تطلق واحدة منهن وتتزوج بأخرى سواها ، حتى ولو أعجبك جمال من تريد زواجها من غير نسائك اللائى فى عصمتك عند نزول هذه الآية .

فالآية الكريمة قدا شتملت على حكمين : أحدهما : حرمة الزواج بغير التسع اللائى كن فى عصمته عند نزولهاز والثانى : حرمة تطليق واحدة منهن ، للزواج بأخرى بدلها .

وقوله : { بَعْدُ } ظرف مبنى على الضم لحذف المضاف اليه . أى : من بعد اليوم . و { أَزْوَاجٍ } مفعول به ، و { مِنْ } مزيدة لاستغراق الجنس . اى : ولا أنت بدل بهن أزواجا أخريات مهما كان شأن هؤلاء الأخريات .

وجملة : { وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } فى موضع الحال من الفاعل وهو الضمير فى { تَبَدَّلَ } . أى : لا يحل لك الزيادة عليهن ، ولا أن تتبدل بهن أزواجا غيرهن فى آية حالة من الأحوال ، حتى ولو فى حال إجابك بغيرهن ويصح أن تكون هذه الجملة شرطية ، وقد حذف جوابها لفهمه من الكلام ، ويكون المعنى : ولو أعجبك حسنهن لا يحل لك نكاحهن .

وقوله : { إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } استثناء من هذا الحكم . أى : لا يحل لك الزيادة عليهن ، ولا استبدال غيرهن بهن ، ولكن يحل لك ان تضيف اليهن ما شئت من النساء اللائى تملكهن عن طريق السبى .

وهذا الذى سرنا عليه من أن الآية الكريمة فى شأن أزواجه صلى الله عليه وسلم هو الذى سار عليه جمهور المفسرين .

قال ابن كثير : ذكر غير واحد من العلماء كابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وغيرهم - أن هذه الآية الكريمة نزلت مجازاة لأزواج النبى صلى الله عليه وسلم ورضا الله عنهن على حسبن صنيعين ، فى اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة ، لما خيرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم ، فلما اخترن رسول الله ، كان جزاؤهن أن قصره عليهن ، وحم عليه أن يتزوج بغيرهن ، أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن ، ولو أعجبه حسنهن ، إلا الإِماء والسرائر ، فلا حجر عليه فيهن .

ثم إنه - سبحانه - رفع عنه الحجر فى ذلك ، ونسخ حكم هذه الآية ، وأباح له التزوج ، ولكنه لم يقع منه بعد ذلك زواج لغيرهن ، لتكون المنة للرسول صلى الله عليه وسلم عليهن . روى الإِمام أحمد عن عائشة قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له النساء .

ومن العلماء من يرى أن قوله - تعالى - { مِن بَعْدُ } المراد به : من بعد من أحللنا لك الزواج بهن ، وهن الأصناف الأربعة اللائى سبق الحديث عنهن فى قوله - تعالى - : { ياأيها النبي إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ الله عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ . . . } .

وهذا الرأى الثانى وإن كان أشمل من سابقه ، إلا أننا نرجح أن الآية الكريمة مسوقة لتكريم أمهات المؤمنين اللائى اخرنا لله ورسوله والدار الآخرة على الحياة الدنيا وزينتها .

هذا ، والنساء التسع اللائى حرم الله - تعالى - على نبيه صلى الله عليه وسلم الزيادة عليهن ، والاستبدال بهن ، هن : عائشة بنت أبى بكر ، وحفصة بنت عمر ، وأم حبيبة بنت أبى سفيان ، وسودة بنت زمعة ، وأم سلمة بنت أبى أمية ، وصفية بنت حيى بن أخطب ، وميمونة بنت الحارث ، وزينب بنت جحش ، وجويرية بنت الحارث .

ثم ختم - سبحانه - الاية الكريمة بقوله : { وَكَانَ الله على كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً } .

أى : وكان الله - تعالى - وما زال ، مطلعا على كل شئ من أحوالكم - أيها الناس - فاحذروا أن تتجاوزا ما حده الله - تعالى - لكم ، لأن هذا التجاوز يؤدى إلى عدم رضا الله - سبحانه - عنكم .

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة ، قد ذكرت ألوانا متعددة من مظاهر تكريم الله - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم ومن توسعته عليه فى شأن أواجه ، وفى شأن ما أحله له من عدم التقيد فى القَسْم بينهن ، وفى تقديم أو تأخير من شاء منهن . .

كما أنها قد كرمت أمهات المؤمنين تكريما عظيما . لاختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة على الحياة الدنيا وزينتها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا} (52)

القول في تأويل قوله تعالى : { لاّ يَحِلّ لَكَ النّسَآءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدّلَ بِهِنّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنّ إِلاّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ رّقِيباً } .

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله تعالى : لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ فقال بعضهم : معنى ذلك : لا يحلّ لك النساء من بعد نسائك اللاتي خيرتهنّ ، فاخترن الله ورسوله والدار الاَخرة . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ . . . الاَية إلى رَقيبا قال : نُهيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوّج بعد نسائه الأُوَل شيئا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ . . . إلى قوله : إلاّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ قال : لما خيرهنّ ، فاخترن الله ورسوله والدار الاَخرة قصره عليهنّ ، فقال : لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلاَ أنْ تَبَدّلَ بِهِنّ مِنْ أزْوَاجٍ وهنّ التسع التي اخترن الله ورسوله .

وقال آخرون : إنما معنى ذلك : لا يحلّ لك النساء بعد التي أحللنا لك بقولنا يا أيهَا النبّيّ إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْوَاجَكَ . . . إلى قوله اللاّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرأةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَها للنّبِيّ . وكأنّ قائلي هذه المقالة وجهوا الكلام إلى أن معناه : لا يحلّ لك من النساء إلا التي أحللناها لك . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا داود ، عن محمد بن أبي موسى ، عن زياد ، قالا لأبيّ بن كعب : هل كان للنبيّ صلى الله عليه وسلم لو مات أزواجه أن يتزوّج ؟ قال : ما كان يحرم عليه ذلك فقرأت عليه هذه الاَية : يا أيّها النّبِيّ إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْوَاجَكَ قال : فقال : أحلّ له ضربا من النساء ، وحرّم عليه ما سواهنّ أحلّ له كل امرأة آتى أجرها ، وما ملكت يمينه مما أفاء الله عليه ، وبنات عمه وبنات عماته ، وبنات خاله وبنات خالاته ، وكل امرأة وهبت نفسها له إن أراد أن يستنكحها خالصة له من دون المؤمنين .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا داود ، عن محمد بن أبي موسى ، عن زياد الأنصاريّ قال : قلت لأُبيّ بن كعب : أرأيت لو مات نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم ، أكان يحلّ له أن يتزوّج ؟ قال : وما يحرّم ذلك عليه ، قال : قلت قوله : لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ قال : إنما أحلّ الله له ضربا من النساء .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن داود بن أبي هند ، قال : ثني محمد بن أبي موسى ، عن زياد ، رجل من الأنصار ، قال : قلت لأبيّ بن كعب : أرأيت لو أن أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم توفّينَ ، أما كان له أن يتزوّج ؟ فقال : وما يمنعه من ذلك ؟ وربما قال داود : وما يحرّم عليه ذلك ؟ قلت : قوله : لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ فقال : إنما أحلّ الله له ضربا من النساء ، فقال : يا أيها النّبي إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْوَاجَكَ . . . إلى قوله : إنْ وَهَبَتْ نَفْسَها للنّبيّ ثم قيل له : لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام بن سلم ، عن عنبسة ، عمن ذكره ، عن أبي صالح لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ قال : أمر أن لا يتزوّج أعرابية ولا غريبة ، ويتزوّج بعد من نساء تهامة ، ومن شاء من بنات العمّ والعمة ، والخال والخالة إن شاء ثلاث مئة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن عكرمة لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ هؤلاء التي سمى الله إلا بَنات عَمّكَ . . . الاَية .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ يعني : من بعد التسمية ، يقول : لا يحلّ لك امرأة إلا ابنة عمّ أو ابنة عمة ، أو ابنة خال أو ابنة خالة ، أو امرأة وهبت نفسها لك ، من كان منهنّ هاجر مع نبيّ الله صلى الله عليه وسلم . وفي حرف ابن مسعود : «وَاللاّتي هاجَرْنَ مَعَكَ » يعني بذلك : كل شيء هاجر معه ليس من بنات العم والعمة ، ولا من بنات الخال والخالة .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا يحلّ لك النساء من غير المسلمات فأما اليهوديات والنصرانيات والمشركات فحرام عليك . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ لا يهودية ، ولا نصرانية ، ولا كافرة .

وأولى الأقوال عندي بالصحة قول من قال : معنى ذلك : لا يحلّ لك النساء من بعد بعد اللواتي أحللتهن لك بقولي : إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْوَاجَكَ اللاّتي آتَيْتَ أُجُورَهُنّ . . . . إلى قوله : وَامْرأةً مُؤْمنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَها للنّبيّ .

وإنما قلت ذلك أولى بتأويل الاَية ، لأن قوله : لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ عَقيب قوله : إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْوَاجَكَ وغير جائز أن يقول : قد أحللت لك هؤلاء ، ولا يحللن لك إلا بنسخ أحدهما صاحبه ، وعلى أن يكون وقت فرض إحدى الاَيتين ، فَعَلَ الأخرى منهما . فإذ كان ذلك كذلك ولا برهان ولا دلالة على نسخ حكم إحدى الاَيتين حكم الأخرى ، ولا تقدّم تنزيل إحداهما قبل صاحبتها ، وكان غير مستحيل مخرجهما على الصحة ، لم يجز أن يقال : إحداهما ناسخة الأخرى . وإذا كان ذلك كذلك ، ولم يكن لقول من قال : معنى ذلك : لا يحلّ من بعد المسلمات يهودية ولا نصرانية ولا كافرة ، معنى مفهوم ، إذ كان قوله مِنْ بَعْدُ إنما معناه : من بعد المسميات المتقدم ذكرهنّ في الاَية قبل هذه الاَية ، ولم يكن في الاَية المتقدم فيها ذكر المسميات بالتحليل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر إباحة المسلمات كلهنّ ، بل كان فيها ذكر أزواجه وملك يمينه الذي يفيء الله عليه ، وبنات عمه وبنات عماته ، وبنات خاله وبنات خالاته ، اللاتي هاجرن معه ، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبيّ ، فتكون الكوافر مخصوصات بالتحريم ، صحّ ما قلنا في ذلك ، دون قول من خالف قولنا فيه .

واختلفت القراء في قراءة قوله لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة يحِلّ بالياء ، بمعنى : لا يحلّ لك شيء من النساء بعد . وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل البصرة : «لا تَحِلّ لَكَ النّساءُ » بالتاء ، توجيها منه إلى أنه فعل للنساء ، والنساء جمع للكثير منهن .

وأولى القراءتين بالصواب في ذلك قراءة من قرأه بالياء للعلة التي ذكرت لهم ، ولإجماع الحجة من القرّاء على القراءة بها ، وشذوذ من خالفهم في ذلك .

وقوله : وَلا أنْ تَبَدّلَ بِهِنّ مِنْ أزْوَاجٍ وَلَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنّ اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : لا يحلّ لك النساء من بعد المسلمات ، لا يهودية ولا نصرانية ولا كافرة ، ولا أن تبدّل بالمسلمات غيرهنّ من الكوافر . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَلا أنْ تَبَدّلَ بِهِنّ مِنْ أزْوَاجٍ ولا أن تبدّل بالمسلمات غيرهنّ من النصارى واليهود والمشركين وَلَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنّ إلاّ ما مَلَكَتْ يَمينُكَ .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي رزين ، في قوله : لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أنْ تَبَدّلَ بِهِنّ مِنْ أزْوَاجٍ وَلَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنّ إلاّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ قال : لا يحلّ لك أن تتزوّج من المشركات إلا من سبيت فملكته يمينك منهنّ .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا أن تبدّل بأزواجك اللواتي هنّ في حبالك أزواجا غيرهنّ ، بأن تطلقهنّ ، وتنكح غيرهنّ . ذكر من قال ذلك :

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَلا أنْ تَبَدّلَ بِهِنّ مِنْ أزْوَاجٍ وَلَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنّ يقول : لا يصلح لك أن تطلق شيئا من أزواجك ليس يعجبك ، فلم يكن يصلح ذلك له .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا أن تبادل من أزواجك غيرك ، بأن تعطيه زوجتك وتأخذ زوجته . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلا أنْ تَبَدّلَ بِهِنّ مِنْ أزْوَاجٍ وَلَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنّ قال : كانت العرب في الجاهلية يتبادلون بأزواجهم . يعطي هذا امرأته هذا ويأخذ امرأته ، فقال : لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أنْ تَبَدّلَ بِهِنّ مِنْ أزْوَاجٍ وَلَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنّ إلاّ ما مَلَكَتْ يَمِينكَ لا بأس أن تبادل بجاريتك ما شئت أن تبادل ، فأما الحرائر فلا قال : وكان ذلك من أعمالهم في الجاهلية .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : معنى ذلك : ولا أن تطلق أزواجك فتستبدل بهنّ غيرهنّ أزواجا .

وأنما قلنا ذلك أولى بالصواب ، لما قد بيننا قبل من أن قول الذي قال معنى قوله : لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ لا يحلّ لك اليهودية أو النصرانية والكافرة ، قول لا وجه له .

فإذ كان ذلك كذلك فكذلك قوله : وَلا أنْ تَبَدّلَ بِهِنّ كافرة لا معنى له ، إذ كان من المسلمات من قد حرم عليه بقوله لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ الذي دللنا عليه قبل . وأما الذي قاله ابن زيد في ذلك أيضا ، فقول لا معنى له ، لأنه لو كان بمعنى المبادلة ، لكانت القراءة والتنزيل : ولا أن تبادل بهنّ من أزواج ، أو : ولا أن تُبدّل بهنّ بضمّ التاء ولكن القراءة المجمع عليها . ولا أن تبدّل بهنّ ، بفتح التاء ، بمعنى : ولا أن تستبدل بهنّ ، مع أنّ الذي ذكر ابن زيد من فعل الجاهلية غير معروف في أمة نعلمه من الأمم : أن يُبادل الرجل آخر بامرأته الحرّة ، فيقال : كان ذلك من فعلهم ، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فعل مثله .

فإن قال قائل : أفلم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوّج امرأة على نسائه اللواتي كنّ عنده ، فيكون موجها تأويل قوله : وَلا أنْ تَبَدّلَ بِهِنّ مِنْ أزْوَاجٍ إلى ما تأوّلت ، أو قال : وأين ذكر أزواجه اللواتي كنّ عنده في هذا الموضع ، فتكون الهاء من قوله : وَلا أنْ تَبَدّلَ بِهِنّ من ذكرهن وتوهم أن الهاء في ذلك عائدة على النساء ، في قوله : لا يَحِلّ لَكَ النّساءُ مِنْ بَعْدُ ؟ قيل : قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوّج من شاء من النساء اللواتي كان الله أحلهنّ له على نسائه اللاتي كن عنده يوم نزلت هذه الاَية ، وإنما نُهي صلى الله عليه وسلم بهذه الاَية أن يفارق من كان عنده بطلاق أراد به استبدال غيرها بها ، لإعجاب حسن المستبدلة له بها إياه إذ كان الله قد جعلهنّ أمّهات المؤمنين وخيرهن بين الحياة الدنيا والدار الاَخرة ، والرضا بالله ورسوله ، فاخترن الله ورسوله والدار الاَخرة ، فحرمن على غيره بذلك ، ومنع من فراقهنّ بطلاق فأما نكاح غيرهنّ فلم يمنع منه ، بل أحلّ الله له ذلك على ما بين في كتابه . وقد رُوي عن عائشة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يقبض حتى أحلّ الله له نساء أهل الأرض .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء ، عن عائشة قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحلّ له النساء تعني أهل الأرض .

حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن عائشة ، قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحلّ له النساء .

حدثنا العباس بن أبي طالب ، قال : حدثنا معلى ، قال : حدثنا وهيب ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير الليثي ، عن عائشة قالت : ما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحلّ له أن يتزوّج من النساء ما شاء .

حدثني أبو زيد عمر بن شبة ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء ، قال : أحسب عبيد بن عمير ، حدثني ، قال أبو زيد ، وقال أبو عاصم مرّة ، عن عائشة ، قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحلّ الله له النساء . قال : وقال أبو الزبير : شهدت رجلاً يحدّثه عطاء .

حدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا همام ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء عن عبيد بن عمير ، عن عائشة ، قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحلّ له النساء .

فإن قال قائل : فإن كان الأمر على ما وصفت من أن الله حرّم على نبيه بهذه الاَية طلاق نسائه اللواتي خيرهنّ فاخترنه ، فما وجه الخبر الذي رُوي عنه أنه طلق حفصة ثم راجعها ، وأنه أراد طلاق سودة حتى صالحته على ترك طلاقه إياها ، ووهبت يومها لعائشة ؟ قيل : كان ذلك قبل نزول هذه الاَية .

والدليل على صحة ما قلنا ، من أن ذلك كان قبل تحريم الله على نبيه طلاقهن ، الرواية الواردة أن عمر دخل على حفصة معاقبَها حين اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ، كان من قيله لها : قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقك ، فكلمته فراجعك ، فوالله لئن طلّقك ، أو لو كان طلّقك لا كلّمته فيك وذلك لا شك قبل نزول آية التخيير ، لأن آية التخيير إنما نزلت حين انقضى وقت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم على اعتزالهنّ .

وأما أمر الدلالة على أن أمر سَوْدة كان قبل نزول هذه الاَية ، أن الله إنما أمر نبيه بتخيير نسائه بين فراقه والمُقام معه على الرضا بأن لا قَسْم لهن ، وأنه يُرْجِي من يشاء منهنّ ، ويُؤْوي منهنّ من يشاء ، ويُؤْثر من شاء منهنّ على من شاء ، ولذلك قال له تعالى ذكره : وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلكَ أدْنَى أنْ تَقَرّ أعْيُنُهُنّ وَلا يَحْزَنّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنّ كُلّهُنّ ، ومن المحال أن يكون الصلح بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم جرى على تركها يومها لعائشة في حالِ لا يومَ لها منه .

وغير جائز أن يكون كان ذلك منها إلا في حالِ كان لها منه يومٌ هوَ لها حقّ كان واجبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أداؤه إليها ، ولم يكن ذلك لهنّ بعد التخيير لما قد وصفت قبل فيما مضى من كتابنا هذا .

فتأويل الكلام : لا يحلّ لك يا محمد النساء من بعد اللواتي أحللتهنّ لك في الاَية قبلُ ، ولا أن تُطَلق نساءك اللواتي اخترن الله ورسوله والدار الاَخرة ، فتبدّل بهنّ من أزواج ولو أعجبك حسن من أردت أن تبدّل به منهنّ ، إلا ما ملكت يمينك . وأن في قوله أنْ تَبَدّلَ بِهِنّ رفع ، لأن معناها : لا يحلّ لك النساء من بعد ، ولا الاستبدال بأزواجك ، وإلا في قوله : إلاّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ استثناء من النساء . ومعنى ذلك : لا يحلّ لك النساء من بعد اللواتي أحللتهنّ لك ، إلا ما ملكت يمينك من الإماء ، فإن لك أن تَمْلك من أيّ أجناس الناس شئت من الإماء .

وقوله : وكان اللّهُ على كُلّ شَيْءٍ رَقِيبا يقول : وكان الله على كل شيء ما أحلّ لك ، وحرّم عليك ، وغير ذلك من الأشياء كلها ، حفيظا لا يعزُب عنه علم شيء من ذلك ، ولا يؤوده حفظ ذلك كله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وكانَ اللّهُ على كُلّ شَيْءٍ رَقِيبا : أي حفيظا ، في قول الحسن وقَتادة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا} (52)

وقوله تعالى : { لا يحل لك النساء من بعد } قيل كما قدمنا إنها خطرت عليه النساء إلا التسع اللواتي كنَّ عنده ، فكأن الآية ليست متصلة بما قبلها ، قال ابن عباس وقتادة لما هجرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً ، وآلى منهن ثم خرج وخيرهن فاخترن الله ورسوله ، جازاهن الله بأن حظر عليه النساء غيرهن وقنعه بهن وحظر عليه تبديلهن ، ونسخ بذلك ما أباحه له قبل من التوسعة في جميع النساء ، وقال أبيّ بن كعب وعكرمة قوله { لا يحل لك النساء من بعد } أي من بعد الأصناف التي سميت ، ومن قال إن الإباحة كانت له مطلقة قال هنا { لا يحل لك النساء } معناه لا يحل لك اليهوديات ولا النصرانيات .

قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا تأويل فيه بعد ، وإن كان روي عن مجاهد ، وكذلك روي أن تبدل اليهوديات والنصرانيات بالمسلمات ، وهذا قول أبي رزين وسعيد بن جبير ، وقال أبيّ بن كعب { من بعد } يعني لا يحل لك العمات والخالات ونحو ذلك ، وأمر مع ذلك بأن لا يتبدل بأزواجه التسع منه من أن يطلق منهن ويتزوج غيرهن قاله الضحاك ، وقيل بمن تزوج وحصل في عصمته أي لا يبدلها بأن يأخذ زوجة إنسان ويعطيه هو زوجته قال ابن زيد وهذا شيء كانت العرب تفعله .

قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا قول ضعيف أنكره الطبري وغيره في معنى الآية ، وما فعلت العرب قط هذا ، وما روي من حديث عيينة بن حصن أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة فقال من هذه الحميراء ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذه عائشة ، فقال عيينة : يا رسول الله إن شئت نزلت لك عن سيدة العرب جمالاً ونسباً فليس بتبديل ولا أراد ذلك وإنما احتقر عائشة لأنها كانت صبية فقال هذا القول{[9551]} ، وقرأ أبو عمرو بخلاف «لا تحل » بالتاء على معنى جماعة النساء ، وقرأ الباقون «لا يحل » بالياء من تحت على معنى جميع النساء وهما حسنان لأن تأنيث لفظ النساء ليس بحقيقي ، وقوله تعالى : { ولو أعجبك حسنهن } ، قال ابن عباس نزل ذلك بسبب أسماء بنت عميس أعجبت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات عنها جعفر بن أبي طالب وفي هذه اللفظة { أعجبك حسنهن } دليل على جواز أن ينظر الرجل إلى من يريد زواجها ، وقد أراد المغيرة بن شعبة زواج امرأة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «انظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما »{[9552]} وقال عليه السلام لآخر : «انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً »{[9553]} ، قال الحميدي يعني «صغراً » ، وقال سهل بن أبي حثمة رأيت محمد بن مسلمة يطارد بثينة بنت الضحاك على أجار من أجاجير{[9554]} المدينة فقلت له أتفعل هذا ؟ فقال نعم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا ألقى الله في قلب أحدكم خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها »{[9555]} ، وقوله تعالى : { إلا ما ملكت يمينك } { ما } في موضع رفع بدل من { النساء } ، ويجوز أن تكون في موضع نصب على الاستثناء ، وفي النصب ضعف ، ويجوز أن تكون { ما } مصدرية والتقدير إلا ملك يمينك وملك بمعنى مملوك ، وهو في موضع نصب لأنه استثناء من غير الجنس الأول{[9556]} ، و «الرقيب » فعيل بمعنى فاعل أي راقب{[9557]} .


[9551]:اختصر ابن عطية رواية خبر عيينة بن حصن، وحتى لا يكون هناك تساؤلات ترد على الذهن عند قراءة الخبر بهذه الصورة أورده هنا كاملا كما رواه القرطبي في تفسيره وكذلك الإمام السيوطي في الدر المنثور.(أخرج البزار، وابن مردويه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل: تنزل لي عن امرأتك، وأنزل لك عن امرأتي، وأزيدك، فأنزل الله عز وجل:{ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن}، قال: فدخل عيينة بن حصن الفزاري على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة رضي الله عنها، فدخل بغير إذن، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عيينة فأين الاستئذان؟ فقال: يا رسول الله، وما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت، قال: من هذه الحميراء إلى جنبك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه عائشة أم المؤمنين، قال: أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق؟ قال: يا عيينة، إن الله قد حرم ذلك، قال: فلما خرج قالت عائشة: يا رسول الله، من هذا؟ قال: أحمق مطاع، وإنه-على ما ترين-لسيد قومه).ا.هـ.فعيينة دخل بدون استئذان، وقد نبهه النبي صلى الله عليه وسلم، وعيينة لم يعرض بدلا، وإنما عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يناسب مقامه في نظره بعد أن استصغر عائشة رضي الله عنها، والنبي صلوات الله وسلامه عليه نبهه إلى أن ذلك حرام، ثم وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه أحمق، ومن سماحة النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعامل مع الأحمق بما يناسبه.
[9552]:أخرجه الترمذي في النكاح، وكذلك النسائي، وابن ماجه، والدارمي، وأخرجه أحمد في مسنده4-245،246، ولفظه كما في المسند، عن المغيرة بن شعبة، قال:(أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له امرأة أخطبها، فقال: اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما، قال: فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها، وأخبرتهما بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأنهما كرها ذلك، قال: فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها، فقال: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر، وإلا فإني أنشدك، كأنها عظمت ذلك عليه، قال: فنظرت إليها فتزوجتها، فذكر عن موافقتها)
[9553]:قال عنه القرطبي:"أخرجه الصحيح"، ثم نقل أيضا عن الحميدي قوله بلفظ: يعني صفراء أو زرقاء، وقيل: رمصاء، والرمص: وسخ يتجمع في موق العين، ويسمى الغمص إن كان سائلا، والرمص إن جامدا.
[9554]:الإجار: السطخ بلغة الشام والحجاز، والجمع: أجاجير وأجاجرة،قال ابن سيدة: الإجار والإجارة: سطح ليس عليه سترة، وفي الحديث( من بات على إجار ليس حوله ما يرد قدميه فقد برئت منه الذمة)، قال ذلك في اللسان، ثم استشهد بحديث محمد بن مسلمة هذا.
[9555]:أخرجه ابن ماجه في النكاح.
[9556]:عقب أبو حيان الأندلسي في(البحر المحيط) على كلام ابن عطية في إعراب[ما] بعد أن نقله فقال:"وليس بجيد؛ لأنه قال:"والتقدير: إلا ملك اليمين، وملك بمعنى مملوك"، فإذا كان بمعنى مملوك صار من جملة النساء؛ لأنه لم يرد حقيقة المصدر، فيكون الرفع أرجح، ولأنه قال:"وهو في موضع نصب"، ولا يتحتم أن يكون في موضع نصب ولو فرضنا انه من غير الجنس حقيقة، بل الحجاز ينصب، وتميم تبدل؛ لأنه مستثنى توجه العامل عليه، وإنما يكون النصب محتما حيث كان المستثنى لا يمكن توجه العامل عليه، نحو: ما زاد المال إلا النقص، فلا يمكن توجه الزيادة على النقص. ولأنه قال:"استثناء من غير الجنس"، وقال: ملك بمعنى مملوك" فناقض.ا هـ.
[9557]:وفي ذلك تحذير من تجاوز حدوده وتخطي حلاله وحرامه.