فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٖۚ قُل رَّبِّيٓ أَعۡلَمُ مَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ وَمَنۡ هُوَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (85)

{ إِنَّ الذي فَرَضَ عَلَيْكَ القرءان } قال المفسرون : أي أنزل عليك القرآن . وقال الزجاج : فرض عليك العمل بما يوجبه القرآن ، وتقدير الكلام : فرض عليك أحكام القرآن وفرائضه { لَرَادُّكَ إلى مَعَادٍ } قال جمهور المفسرين : أي إلى مكة . وقال مجاهد وعكرمة والزهري والحسن : إنّ المعنى : لرادّك إلى يوم القيامة ، وهو اختيار الزجاج ، يقال : بيني وبينك المعاد ، أي يوم القيامة ؛ لأن الناس يعودون فيه أحياء . وقال أبو مالك وأبو صالح : لرادّك إلى معاد : إلى الجنة . وبه قال أبو سعيد الخدري ، وروي عن مجاهد . وقيل : { إلى مَعَادٍ } : إلى الموت { قُل رَّبّي أَعْلَمُ مَن جَاء بالهدى وَمَنْ هُوَ فِي ضلال مُّبِينٍ } هذا جواب لكفار مكة لما قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم : إنك في ضلال ، والمراد : من جاء بالهدى هو النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ومن هو في ضلال مبين : المشركون ، والأولى حمل الآية على العموم ، وأن الله سبحانه يعلم حال كلّ طائفة من هاتين الطائفتين ، ويجازيها بما تستحقه من خير وشرّ .

/خ88