فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٖۚ قُل رَّبِّيٓ أَعۡلَمُ مَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ وَمَنۡ هُوَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (85)

{ إن الذي فرض عليك القرآن } قال المفسرون : أي أنزل عليك ، وقال الزجاج : فرض عليك العمل بما يوجبه القرآن ، وتقدير الكلام فرض عليك أحكام القرآن وفرائضه . وقيل : أوجب عليك تلاوته وتبليغه ، والعمل بما فيه ، وعن علي بن حسين بن واقد قال : " أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة حين خرج صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة " فليست مكية ولا مدنية ، كما مر في أول السورة { لرادك إلى معاد } قال جمهور المفسرين : أي إلى مكة وهذا أقرب التفاسير ، وبه قال ابن عباس كما أخرجه البخاري عنه ، وزاد كما أخرجك منها .

قال القتيبي : معاد الرجل بلده لأنه ينصرف فيعود إلى بلده ، وقال مجاهد ، وعكرمة ، والزهري ، والحسن : إن المعنى لرادك إلى يوم القيامة وهو اختيار الزجاج ، ويقال بيني وبينك المعاد : أي يوم القيامة لأن الناس يعودون فيه أحياء وقال أبو مالك ، وأبو صالح : لرادك إلى الجنة وبه قال أبو سعيد الخدري ؛ وروي عن مجاهد . وقيل إلى معاد أي إلى الموت .

{ قل : ربي أعلم من جاء بالهدى } وهو النبي صلى الله عليه وسلم لأنه الجائي { ومن هو في ضلال مبين } وهم المشركون ، وهذا جواب لكفار مكة لما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إنك في ضلال والأولى حمل الآية على العموم ، وأن الله سبحانه يعلم حال كل طائفة من هاتين الطائفتين ، ويجازيها بما تستحقه من خير وشر .