مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٖۚ قُل رَّبِّيٓ أَعۡلَمُ مَن جَآءَ بِٱلۡهُدَىٰ وَمَنۡ هُوَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (85)

{ إِنَّ الذى فَرَضَ عَلَيْكَ القرءان } أوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه { لَرَادُّكَ } بعد الموت { إلى مَعَادٍ } أيّ معاد وإلى معاد ليس لغيرك من البشر فلذا نكره ، أو المراد به مكة . والمراد رده إليها يوم الفتح لأنها كانت في ذلك اليوم معاداً له شأن ومرجعاً له اعتداد لغلبة رسول الله وقهره لأهلها ولظهور عز الإسلام وأهله وذل الشرك وحزبه . والسورة مكية ولكن هذه الآية نزلت بالجحفة لا بمكة ولا بالمدينة حين اشتاق إلى مولده ومولد آبائه . ولما وعد رسوله الرد إلى معاده قال { قُلْ } للمشركين { رَّبّى أَعْلَمُ مَن جَاء بالهدى } يعني نفسه وما له من الثواب في معاده { وَمَنْ هُوَ فِى ضلال مُّبِينٍ } يعني المشركين وما يستحقونه من العذاب في معادهم { من } في محل نصب بفعل مضمر أي يعلم