الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ} (156)

ثم وصف سبحانه الصابرين الَّذين بشَّرهم بقوله : { الذين إِذَا أصابتهم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجعون }[ البقرة :156 ] ، فجعل سبحانه هذه الكلماتِ ملجأً لذوي المصائبِ ، لما جمعتْ من المعاني المباركةِ ، من توحِيدِ اللَّهِ سبحانه ، والإِقرار له بالعبودية ، والبعثِ من القبورِ ، واليقينِ بأنَّ رجوع الأمر كلِّه إِليه كما هو له ، قال الفَخْرُ : " قال أبو بَكْرٍ الوَرَّاق الوراق : { إِنَّا لِلَّهِ } إقرارٌ منَّا له بالمُلْكِ ، و{ إِنَّا إِلَيْهِ راجعون } إِقرارٌ على أنفسنا بالهلاكِ " .

" واعلم أن قوله : { إِنَّا لِلَّهِ } يدلُّ على كونه راضيًا بكلِّ ما نَزَلَ به ، ووردَتْ أخبارٌ كثيرةٌ في هذا البابِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فمنِ استرجع عند المصيبة ، جَبَر اللَّه مصيبته ، وأحْسَنَ عقباه ، وجعل له خَلَفاً صالحاً يرضَاهُ " ، انتهى .

ورُوِيَ : " أنَّ مَصْبَاحَ رسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم انطفأ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَقَالَ : { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجعون } ، فَقِيلَ : أَمُصِيبَةٌ هِيَ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، كُلُّ مَا آذَى المُؤْمِنَ ، فَهُوَ مُصِيبَةٌ ) ، قال النوويُّ : ورُوِّينَا في «كتاب ابن السُّنِّيِّ » عن أبي هريرة ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( ليسترجعْ أحدُكُمْ في كلِّ شيء ، حتى في شِسْعِ نَعْلِه ، فَإِنها من المصائِبِ ) انتهى من «الْحِلْيَةِ » .