السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ} (156)

ثم بينهم بقوله :

{ الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله } عبيداً وملكاً { وإنا إليه راجعون } في الآخرة والمصيبة تعمّ ما يصيب الإنسان من مكروه لقوله صلى الله عليه وسلم «كل شيء يؤذي المؤمن فهو له مصيبة » وعن أمّ سلمة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم ورضي عنها أنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من مصيبة تصيب عبداً فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهمّ اؤجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف عليه خيراً منها ) قالت : فلما توفي أبو سلمة استرجعت الله لي فقلت : اللهم اؤجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها قالت : فأخلف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وفي رواية : ( من استرجع عند المصيبة جبر الله تعالى مصيبته وأحسن عقباه وجعل له خلفاً صالحاً يرضاه ) ، وقال سعيد بن جبير : ما أعِطي أحد ما أعطيت هذه الأمة يعني الاسترجاع ولو أعطيها أحد لأعطي يعقوب في قصة فقدِ يوسف ألا تسمع إلى قوله : { يا أسفاً على يوسف } ( يوسف ، 84 ) وليس الصبر بالإسترجاع باللسان بل باللسان مع القلب بأن يتصوّر ما خلق لأجله ، فإنه راجع إلى ربه ويتذكر نعم الله عليه ، فيرى ما أبقى عليه أضعاف ما استردّه منه ، فيهوّن على نفسه ويستسلم لربه ، والمبشر به محذوف دلّ عليه .