الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ} (179)

وقوله تعالى : { وَلَكُمْ فِي القصاص حياة }[ البقرة :179 ]

المعنى : أن القصاص إِذا أقيم ، وتحقَّق الحكْمُ به ، ازدجر مَنْ يريد قتْلَ أحدٍ مخافَةَ أن يقتصَّ منه ، فَحَيِيَا بذلك معاً ، وأيضاً : فكانت العربُ إِذا قتل الرجلُ الآخَر ، حمي قبيلاَهُما ، وتقاتلوا ، وكان ذلك داعياً إلى موت العددِ الكثيرِ ، فلمَّا شرَعَ اللَّه سبحانه القِصَاص ، قنع الكلُّ به ، ووقَف عنده ، وتركوا الاقتِتال ، فلهم في ذلك حياةٌ ، وخُصَّ أولو الألباب بالذِّكْر ، تنبيهاً عليهم ، لأنهم العارفون القابلُون للأوامر والنواهِي ، وغيرُهم تَبَعٌ لهم .

و{ تَتَّقُونَ } معناه : القتل ، فتسلمون من القصاص ، ثم يكون ذلك داعيةً لأنواع التقوى في غير ذلك ، فإن اللَّه سبحانه يثيبُ على الطاعة بالطاعة .