قوله : { وَلَكُمْ فِي القصاص حياة } أي : لكم في هذا الحكم الذي شرعه الله لكم حياة ؛ لأن الرجل إذا علم أنه يقتل قصاصاً إذا قتل آخر كَفَّ عن القتل ، وانزجر عن التسرع إليه ، والوقوع فيه ، فيكون ذلك بمنزلة الحياة للنفوس الإنسانية ، وهذا نوع من البلاغة بليغ ، وجنس من الفصاحة رفيع ، فإنه جعل القصاص الذي هو موت حياةً باعتبار ما يؤول إليه من ارتداع الناس عن قتل بعضهم بعضاً ، إبقاء على أنفسهم ، واستدامةً لحياتهم ؛ وجعل هذا الخطاب موجهاً إلى أولي الألباب ؛ لأنهم هم الذين ينظرون في العواقب ، ويتحامون ما فيه الضرر الآجل ؛ وأما من كان مصاباً بالحمق ، والطيش ، والخفة ، فإنه لا ينظر عند سورة غضبه ، وغليان مراجل طيشه إلى عاقبة ، ولا يفكر في أمر مستقبل ، كما قال بعض فتاكهم :
سأَغْسِلُ عَني العَارَ بِالسَيْفِ جَالبا *** عَليّ قَضَاء الله مَا كَان جَالِباً
ثم علّل سبحانه هذا الحكم الذي شرعه لعباده بقوله : { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } أي : تتحامون القتل بالمحافظة على القصاص ، فيكون ذلك سبباً للتقوى ، وقرأ أبو الجوزاء : «ولكم في القصص حياة » قيل : أراد بالقصص القرآن : أي لكم في كتاب الله الذي شرع فيه القصاص حياة ، أي : نجاة ، وقيل : أراد حياة القلوب ، وقيل : هو مصدر بمعنى القصاص ، والكل ضعيف ، والقراءة به منكرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.